للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن هذا مُرسل، أرسله سعيد بن المسيب، وهو مُرْسلٌ صَحيحٌ كَمَا ذكر ذَلكَ ابن عبد الهادي (١)، لكن الحديث الأول الذي قال: "نصف صاعٍ" "بَيْن اثنين من بُرٍّ"، هذا اختُلِفَ فيه سندًا ومتنًا، أما بالنسبة للسند، فقد رُوِيَ مُرسلًا، وجاء مُنْقطعًا، وفيه كلامٌ كثيرٌ في سنده، ولَا يَخْلو من مَقَالٍ (٢).

وَبالنِّسْبة للمتن، مرةً ورد "صاع"، ومرةً ورد "نصف صاع"، وإن كان الأكثر "نصف صَاعٍ"، لكنه وَرَد فيما لا يقل عن روايتين (صاع من بُرٍّ)، إذًا هذه التقت مِع حديث أبي سَعِيدٍ أيضًا، فالأَوْلَى أن يُؤْخذَ بها؛ ولذَلكَ أخذ الجمهور بذلكَ (٣).

* قوله: (فَمَنْ أَخَذَ بِهَذهِ الأَحَادِيثِ قَالَ: نِصْفُ صَاعٍ مِنَ البُرِّ، وَمَنْ أَخَذَ بِظَاهِرِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَقَاسَ البُرَّ فِي ذَلِكَ عَلَى الشَّعِيرِ، سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الوُجُوبِ).

وَالمَسْألةُ ليست في الحقيقة مسألةَ قياسٍ، وإنما فيها إخبارٌ عن أبي سعيدٍ بما كان في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "إذا كان فينا رسول اللَّه"، وفي روايةٍ: "على عهد رسول اللَّه"، وبيَّن أنهم كانوا يخرجون صاعًا من طعامٍ، وأيضًا أبو سعيد يقصد بالطعام القمح؛ لأنه عندما تكلم عن قضية معاوية أنه عندما قَدِمَ إلى المدينة وكلَّم الناس، وأنه كان مما تكلم فيه "أن مُدَّين من سمراء الشام" أي: من حِنطة الشام تعدل "صاعًا من تمرٍ"، قال: "فأخذ الناس بذلك"، لكنه لا يزال يُخرِجه كما كان يُخرجه في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فالأخذ بما نُقِلَ عن أبي سَعِيدٍ أَوْلَى؛ لأنه نسب ذلك إلى عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَمَا نُقِلَ عن معاوية وغيره إنما هو اجتهادٌ منه، وربما


(١) يُنظر: "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (٣/ ١٢٨) حيث قال: "وأمَّا حديث سعيد بن المسيِّب الذي رواه أبو داود فإسناده صحيحٌ كالشَّمس، لكنَّه مرسلٌ، ومرسل سعيد حجَةٌ".
(٢) انظر: "نصب الراية" (٢/ ٤٢١ - ٤٢٣).
(٣) سبق ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>