يرون أنَّ ذلك كلَّه يفطر، وكذلك لو تناول حقنةً من الحقن سواء كانت مُغذِّية أو غير مُغذِّية، فهي تفطر أيضًا، ومن بين هؤلاء من حيث الجُملة الأئمة الأربعة، وإن كان مذهب المالكية قد يكون أكثر المذاهب من حيث الجُملة تخفيفًا في هذه المسألة.
ومن العلماء: من فرَّق بين الحقن المُغذِّية وغير المُغذِّية (١)، وهذه تكلم عنها العلماء قديمًا، وكانت معروفة والطب كان معروفًا، بل من العلماء من عرف بالطب، فابن القيِّم كان يتكلَّم عن الطب كثيرًا في كتابه "الطب النبوي" الذي هو جزء من "زاد المعاد"، وعرض لذلك غيره كالسيوطي، وغير هذين من العلماء، لكن الطب عندما تطور ووصل إلى نتائج قيمة بسبب وجود أجهزة تقدم إلى غير ذلك.
ومنفذ الطعام والشراب إنما هو الحلق، لكنْ هناك منافذ أُخرى لكنها ليست منافذ للطعام، فالأنف مثلًا: لو استنشقت ماء ودخل فإنه يصل إلى حلقك، لو قطرت في عينك تصل إلى حلقك، والأذن أيضًا.
إذن؛ هذه منافذ، لكنها ليست منافذ للطعام، فمن يقول بالتفريق بين المنافذ يقول: كل ما يصل إلى الحلق أو إلى الجوف من غير هذا المنفذ
(١) يُنظر: "مجموع الفتاوى"، لابن تيمية (٢٥/ ٢٣٣ - ٣٣٤)؛ حيث قال: "وأما الكحل والحقنة وما يقطر في إحليله ومداواة المأمومة والجائفة؛ فهذا مما تنازع فيه أهل العلم؛ فمنهم من لم يفطر بشيء من ذلك، ومنهم من فطر بالجميع لا بالكحل، ومنهم مَن فطر بالجميع لا بالتقطير، ومنهم من لم يفطر بالكحل ولا بالتقطير ويفطر بما سوى ذلك، والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك؛ فإن الصيام من دين المسلمين الذي يحتاج إلى معرفته الخاص والعام فلو كانت هذه الأُمور مما حرمها اللَّه ورسوله في الصيام ويفسد الصوم بها لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه، ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة وبلغوه الأمة كما بلغوا سائر شرعه؛ فلما لم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك لا حديثًا صحيحًا ولا ضعيفًا ولا مسندًا ولا مرسلًا - علم أنه لم يذكر شيئًا من ذلك".