للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما اختلف العلماء في الدم الفاحش وغير الفاحش (١)، قال بعضهم في تفسيره: هو ما تراه في نفسك فاحشًا؛ إذن فالإنسان أعلم الناس بنفسه.

فهل هو بحاجة إلى هذه الحقنة أو لا؟ والأحوط لك أيها المسلم ألا تقدم على ذلك، فإن كانت هناك حاجة فافعل، وإلا فلا.

وهناك ضرورات، وهناك حاجات، وهناك كماليات؛ فالإنسان إذا اضطر إلى أمر من الأُمور، كأن تلحقه مشقة يجب عليه أن يفعل هذا الشيء.

ولذلك جاء في الحديث: "لا ضرر ولا ضرار" (٢)، "من ضار ضره اللَّه، لا ضرر ولا ضرار" (٣)؛ يعني: لا تضر أحدًا ولا ينبغي أن يضرك أحد ولا ينبغي أن تشارك في مضرة أحد (٤).

ووضع العلماء القاعدة: "الضرر يزال" (٥)، لكنَّ هذا الضرر أحيانًا قد يكون فيه ضرر مماثل لغيرك فلا يكون ذلك مبررًا لأن ترتكب الضرر،


(١) تقدَّم الكلام عليه في باب الوضوء.
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٣٤١) عن ابن عباس، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٢٥٠).
(٣) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٤/ ٥١) عن أبي سعيد الخدري رفعه: "لا ضرر ولا ضرار، من ضار ضره اللَّه، ومن شاق شق اللَّه عليه". وانظر: "إرواء الغليل"، للألباني (٣/ ٤١٠).
(٤) يُنظر: "جامع العلوم والحكم"، لابن رجب (٣/ ٩١١)؛ حيث قال: "واختلفوا: هل بين اللفظتين -أعني: الضَّرر والضرار- فرقٌ أم لا؟ فمنهم من قال: هما بمعنى واحد على وجه التأكيد. . . وقيل: الضَّرر: أنْ يُدخِلَ على غيرِه ضررًا بما ينتفع هو به، والضِّرار: أن يُدخل على غيره ضررًا بما لا منفعةَ له به، كمن منع ما لا يضرُّه ويتضرَّرُ به الممنوع، ورجَّح هذا القول طائفةٌ، منهم ابنُ عبد البرِّ، وابنُ الصلاح. وقيل: الضَّرر: أنْ يضرَّ بمن لا يضره، والضِّرار: أن يضرَّ بمن قد أضرَّ به على وجهٍ غيرِ جائزٍ".
(٥) يُنظر: "الأشباه والنظائر"، للسبكي (١/ ٤١)؛ حيث قال: "القاعدة الثانية: الضرر يزال، ومن ثم الرد بالعيب والحجر والشفعة والقصاص والحدود والكفارات، وضمان المتلف والقسمة ونصب الأئمة، والقضاة ودفع الصائل وقتال المشرك".

<<  <  ج: ص:  >  >>