للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحج فلو أنَّ إنسانًا لم يؤدِّ فريضة الحجِّ فأحرم تطوعًا، فإنه ينقلب على الصحيح؛ لأنَّ تغيير النية في الحجِّ جائزٌ مطلقًا، ودليل ذلك حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-: خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عام حجة الوداع، فمنَّا من أهلَّ بعمرةٍ ومنَّا من أهل بحجةٍ وعمرةٍ، ومنَّا من أهلَّ بالحجِّ، وأهلَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالحج (١).

وفي بعض الروايات: أنَّ رسول اللَّه أهلَّ بالحجِّ، فلما وصلوا إلى مكة أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من أحرم بالحجِّ أو بالحجِّ والعمرة دون أن يسوق


= مطلقًا فرقًا بين تعيين الشارع والعبد (ولو صام مقيمٌ عن غير رمضان) ولو الجهله به)؛ أي: برمضان (فهو عنه) لا عما نوى لحديث: "إذا جاء رمضان فلا صوم إلا عن رمضان".
مذهب المالكية، يُنظر: "روضة المستبين" لابن بزيزة (١/ ٥١٨) حيث قال: قوله: "فإن عين غيره لم يجزه عن رمضان ولا عما نواه" وهو كما ذكره، أما عدم إجزائه عن رمضان فلأنه لم ينوه، وأما إن نواه عن غير رمضان فلأنَّ الزمان متعينٌ لرمضان. مذهب الشافعية، يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (٢/ ٣٥٥) حيث قال: إذا نوى الانتقال من صوم إلى صومٍ، لم ينتقل إليه، وهل يبطل صومه، أم يبقى نفلًا؟ وجهان. وكذا لوً رفض نية الفرض عن الصوم الذي هو فيه. قلتُ: الأصحُّ: بقاؤه على ما كان. واعلم أنَّ انقلابه نفلًا على أحد الوجهين، إنما يصح في غير رمضان، وإلا فرمضان لا يقبل النفل عندنا ممن هو من أهل الفرض بحالٍ. واللَّه أعلم.
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشَّاف القناع" للبهوتي (٢/ ٣١٦) حيث قال: (ولو نوى خارج رمضان قضاء ونفلًا أو نوى الإفطار من القضاء ثم نوى نفلًا أو قلب نية القضاء إلى النفل بطل القضاء) لتردده في نيته أو قطعها (ولم يصحَّ النفل لعدم صحة نفل من عليه قضاء رمضان قبل القضاء). وفي الفروع والتنقيح والمنتهى: يصح نفلًا وقد ذكرت كلام المصنف في حاشية التنقيح في ذلك في الحاشية وما يمكن أن يجاب به عنه. (وإن نوى) خارج رمضان (قضاء وكفارة ظهار ونحوه) ككفارة قتلٍ (لم يصحَّا)؛ أي: لا الصوم الواجب لعدم جزمه بالنية له، ولا النفل (لما تقدَّم) من عدم صحة نفل من عليه قضاء رمضان قبل القضاء.
(١) أخرجه البخاري (١٥٦٢) ومسلم (١٢١١) عن عائشة -رضي اللَّه عنها-، أنها قالت: خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عام حجة الوداع، فمنا من أهلَّ بعمرةٍ، ومنا من أهلَّ بحجةٍ وعمرةٍ، ومنا من أهل بالحج " وأهلَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالحجِّ"، فأما من أهلَّ بالحج، أو جمع الحجَّ والعمرة، لم يحلُّوا حتى كان يوم النحر).

<<  <  ج: ص:  >  >>