وكرهه مالك وقال: ما رأيت أحدًا من أهل الفقه يصومها، ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف، وأن أهل العلم يكرهون ذلك، ويخافون بدعته، وأن يلحق برمضان ما ليس منه.
ولنا ما روى أبو أيوب -رضي اللَّه عنه-، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من صام رمضانَ، وأتبعه ستًّا من شوال، فكأنما صام الدهر".
فإن قيل: فلا دليل في هذا الحديث على فضيلتها؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شبَّه صيامها بصيام الدهر، وهو مكروه. قلنا: إنما كره صوم الدهر؛ لما فيه من الضعف والتشبيه بالتَّبَتُّل، لولا ذلك لكان ذلك فضلًا عظيمًا؛ لاستغراقه الزمانَ بالعبادة والطاعة، والمراد بالخبر التشبيه به في حصول العبادة به، على وجه عري عن المشقة، كما قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من صام ثلاثةَ أيام من كل شهر، كان كمن صام الدهر". ذكر ذلك حثًّا على صيامها، وبيان فضلها، ولا خلاف في استحبابها.
(١) يُنظر: "منح الجليل شرح مختصر خليل"، لعليش (٢/ ١٢١)، حيث قال: " (وكُرِه) بضم فكسر (كونها)؛ أي: الأيام الثلاثة أيام الليالي (البيض)؛ أي: المستنيرة بالقمر من غروبها لفجرها وهي: الثالثة عشرة وتاليتاها إذا قصد صومها بعينها فرارًا من التحديد فيما لم يحدده الشارع ومن خوف اعتقاد وجوبها، فإن اتفق صومها بلا قصدها فلا كراهة هذا هو المشهور، وما روى من صومها مالك -رضي اللَّه عنه- عنه وحضه هارون الرشيد عليه لم يأخذ به أصحابه".