للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصحيح أنه يجوز للإنسان أن يغتسل من غير الجنابة؛ لكن عليه أن يتمهل في دعك الأعضاء وفي فرك الرأس، حتى لا يؤدي ذلك إلى سقوط الشعر.

* قوله: (فَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا بَأْسَ بِغَسْلِ رَأْسَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ: بِكَرَاهِيَةِ ذَلِك وَعُمْدَتُهُ: "أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْن عُمَرَ كَانَ لَا يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ إِلَّا مِنَ الِاحْتِلَامِ").

ذهب الجمهور وهم الأئمة الثلاثة (أبو حنيفة (١)، والشافعي (٢)، وأحمد) (٣) إلى جواز غسل رأس المحرم، وهو الأولى، والأقرب إلى سماحة الشريعة الإسلامة؛ فإنَّ الحجَّ أحيانًا يكون في أيام الصيف، وهناك أملاح تخرج من البدن، وكذلك العرق فيتراكم عليه ذلك فتخرج منه روائح غير طيبة، فينبغي للمسلم أن يغتسل؛ لكن عليه أن يحافظ على هذا الغسل، وأن يكون برفقٍ ولينٍ.

بينما ذهب الإمام (مالك) (٤) إلى كراهة غسل الرأس حالة الإحرام وحجته: "أنَّ ابن عمر كان لا يغسل رأسه وهو محرمٌ إلا من الاحتلام" (٥).


(١) يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٢/ ٣٤٩)، قال: (قوله: لا الاغتسال ودخول الحمام)؛ أي: لا يتقيهما لما روى مسلم: "أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- اغتسل وهو محرم".
(٢) يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ٥٠٩)، قال: (فرع للمحرم غسل رأسه بالسدر) أو نحوه في حمام أو غيره (من غير نتف شعره)؛ "لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يغتسل، وهو محرم".
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٥٣٨)، قال: (ويباح) لمحرمٍ (غسل شعره بسدرٍ ونحوه) نصًّا في حمَّام وغيره بلا تسريح واحتج في رواية أبي داود بالمحرم الذي وقصته راحلته، ولأنَّ القصد منه النظافة وإزالة الوسخ كالأشنان، وله أيضًا حك بدنه ورأسه برفق؛ ما لم يقطع شعره.
(٤) يُنظر: "الشرح الصغير" للدردير (٢/ ٨٤)، قال: (و) كره (غمس رأس) في ماءٍ خيفة قتل الدواب (لغير غسل طلب) وجوبًا أو ندبًا أو استنانًا.
(٥) أخرجه مالك في "الموطأ" (٩٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>