للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال العلماء: أهلَّ بالحج من حيث الفعل؛ لأنَّ أفعال القارن كأفعال المفرد عندما يصل إلى مكة يطوف، وله أن يسعى، وله أن يؤخر سعي الحج، فالتقيا في العمل من هذه الناحية.

ومنهم من قال: "أحرم الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بالحج أولًا فأتاه جبريل وقال له: يا محمد! صلِّ في هذا الوادي، وقل: حجًّا وعمرة، أو حجة في عمرة، فجمع بينهم الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وبذلك يمكن الجمع بين النصوص جميعًا.

والرَّاجح: أنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- حجَّ قارنًا.

فاختار مالك والشافعي الإفراد.

* قوله: (وَاعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالْحَجِّ" (١)، وَرَوَاهُ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ، قَالَ أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَرُوِيَ الْإِفْرَادُ عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى مُتَوَاتِرَةٍ صِحَاحٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ (٢) وَعَائِشَةَ (٣)، وَجَابِر).

حديث جابر بن عبد اللَّه خرَّجه الإمام مسلم في صحيحه (٤)، وهو أطول حديث جاء في الحج وقد اشتمل على أهمِّ مناسك الحج، وبيَّن لنا المناسك التي سار عليها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ابتداءً من دخوله في النسك، حتى نهاية الحج، ولكنه أتى به هنا مجملًا.


(١) أخرجه البخاري (١٥٦٢)، ومسلم (٢٨٨٨).
(٢) يُنظر: "المصنف" لابن أبي شيبة (٨/ ٤٢٩)، قال: عن ابن سيرين، قال: أفرد أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الحج بعده أربعين سنة، وهم كانوا لسنته أشد اتباعًا: أبو بكر وعمر وعثمان.
(٣) أخرجه مسلم (٢٨٩٢)، عن عائشة -رضي اللَّه عنها-: "أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أفرد الحج".
(٤) أخرجه مسلم (٢٩٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>