للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْحَرَ هَدْيِي" (١).

وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا أَشُكُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ قَارِنًا، وَالتَّمَتُّعُ أَحَبُّ إِلَيَّ (٢).

وَاحْتَجَّ فِي اخْتِيَارِهِ بِقَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً" (٣).

وَاحْتَجَّ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى مَنْ رَأَى أَنَّ الْإِفْرَادَ الْأَفْضَلُ أَنَّ التَّمَتُّعَ وَالْقِرَانَ رُخْصَةٌ، وَلِذَلِكَ وَجَبَ فِيهِمَا الدَّمُ.

وَإِذْ قُلْنَا فِي وُجُوبِ هَذَا النُّسُكِ، وَعَلَى مَنْ يَجِبُ، وَمَا شُرُوطُ وُجُوبِهِ، وَمَتَى يَجِبُ، وَفِي أَيِّ وَقْتٍ يَجِبُ، وَمِنْ أَيِّ مَكَانٍ يَجِبُ - قُلْنَا بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ بِمَا هُوَ مُحْرِمٌ، ثُمَّ قُلْنَا أَيْضًا فِي أَنْوَاعِ هَذَا النُّسُكِ، يَجِبُ أَنْ نَقُولَ فِي أَوَّلِ أَفْعَالِ الْحَاجِّ أَوِ الْمُعْتَمِرِ، وَهُوَ الْإِحْرَامُ).

وهذا ما قد سبق بيانه من اختلاف الفقهاء في أفضلية أحدِ هذه الأنواع، بسبب اختلاف الأحاديث الواردة فيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولكل فريق متمَسكه ودليله.


(١) أخرجه البخاري (١٥٦٦)، مسلم (٢٩٥٦).
(٢) يُنظر: "مسائل الإمام أحمد" لابنه صالح (٢/ ١٤٣) قال: قلت: الحج أيُّ ذلك أحبُّ إليك الإفراد أم القران؟ قال روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أفرد، وروي عنه أنه قرن، وروي عنه أنه خرج من المدينة ينتظر القضاء ولم يذكر لا حجًّا ولا عمرةً، فلما قدم مكة أمر أصحابه أن يحلوا وقال: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ولم أسق الهدى، ولحللت كما تحلون"، وهذا بعد أن قدم مكة، وهو آخر الأمرين منه، وقال هذا القول وهو بمكة: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدى"، فالذي يختار المتعة لأنه آخر ما أمر به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يجمع الحج والعمرة جميعًا، ويعمل لكل واحد منهما على حدة. وانظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٥٣٠).
(٣) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>