للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واغتسل (١)، ولما نفستْ أسماء بنت عُمَيس بمحمد بن أبي بكر، أرسلت إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: كيف أصنع؟ فقال: "اغْتَسِلِي، وَاسْتَثْفِرِي (٢) بِثَوْبٍ، وَأَحْرِمِي" (٣)، فالاغتسال مسنونٌ بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وفعله، لكنه ليس بواجب (٤)، فلو أن إنسانًا ذهب ولم يغتسل لا يُعتبر مقصرًا، ولا إثم عليه، لكن الأَوْلَى في حقه أن يغتسلَ، ولا يشترط أن يكون الغسل من الميقات.

* قوله: (وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ: هُوَ وَاجِبٌ) (٥).

أمَّا أهل الظاهر، فَدليلُهُم ليس بالقويِّ، وهم يرون أيضًا أنَّ غسلَ الجُمُعة واجب (٦)، وقد مر بنا ذلك (٧)، والصَّحيح أنَّ الاغتسال للإحرام ليس بِوَاجِبٍ، وإنَّما هو سنةٌ (٨).


(١) أخرجه الترمذي (٨٣٠)، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه، أنه "رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تجرد لإهلاله واغتسل"، وحسنه الأَلْبَانيُّ في "الإرواء" (١٤٩).
(٢) يُنظر: "مختار الصحاح" للرازي (٤٩)، حيث قال: " (ثفر) الدابة سير مؤخرتها. و (أثفرها) شد عليها الثفر. و (استثفر) بثوبه رد طرفه بين رجليه إلى حجزته".
(٣) جزء من حديث أخرجه مسلم (١٢١٨).
(٤) يُنظر: "الإقناع" لابن القطان (١/ ٢٥٢)، حيث قال: "وأَجْمَعوا أنَّ الاغتسال غير واجب إلا ما رُوِيَ عن الحسن البصري، فإنه قال: إذا نسى الغسل عند إحرامه، فإنه يغتسلً إذا ذكره، وعن عطاء فيه القولان، قال: يكفي منه الوضوء، وقال غير ذلك، والمستحب منه الاغتسال عند الإحرام، وليس بواجب".
(٥) نقل هذا ابن عبد البر، لكن الذي وقفت عليه أنهم قالوا: هو سُنَّة. يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ٢٢)، حيث قال: "ونستحب الغسل عند الإحرام للرجال والنساء، وليس فرضًا إلا على النفساء. . . ".
(٦) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ٢٥٥)، حيث قال: "مسألة: وغسل يوم الجمعة فرض لازم لكل بالغٍ من الرجال والنساء، وكذلك الطيب والسواك".
(٧) عند قول المصنف: "المسألة الأولى: اختلفوا في طهر الجمعة، فَذَهب الجمهور إلى أنه سُنَّة، وذهب أهل الظاهر إلى أنه فرضٌ، ولا خلاف -فيما أعلم- أنه ليس شرطًا في صحة الصلاة".
(٨) وتقدم نقل الإجماع عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>