للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: صَارَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ بَيْنِ مُعْظَمِ أَصْحَابِهِ وَفُقَهَاءِ الأَمْصَارِ إِلَى إِجَازَةِ الوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ فِي السَّفَرِ) (١).

قوله: (صَارَ أَبُو حَنِيفَةَ)، أَيْ: ذهَب أبو حنيفة، وانفرد من بين فقهاء الأمصار إلى القول بجَوَاز التطهُّر أو الوضوء بنبيذ التمر، والمقصود بفقهاء الأمصار أولئك الأعلام الذين أصبحوا أئمةً في البلاد الإسلامية؛ كالإمام مالكٍ في المدينة، والإمام أحمد في العراق، وقبله الشافعي في العِراق ثم مِصر، وكذلك أيضًا الليث وغيره من الأئمة المعروفين.

قوله: (بِنَبِيذِ التَّمْرِ (٢) فِي السَّفَرِ).

والمؤلف لم يُحرِّر مذهب الحنفية تحريرًا دقيقًا، ونحن عندما نذكر مذهب الحنفية لا نذكر فقط رأي الإمام، ولكنَّنا نصور مذهب الحنفية، وللحنفية في الوضوء بنبيذ التمر أقوالٌ أربعةٌ:

القول الأول: جواز الوضوء بنبيذ التمرِ المطبوخِ في السفرِ إذا لم يوجد ماء، وأبو حنيفة على هذا.


(١) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ١٥) حيث قال: "وبالقياس أخذ أبو يوسف وقال: لا يجوز التوضؤ به، إلا أن أبا حنيفة ترك القياس بالنص، وهو حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، فَجَوز التوضؤ به. وذكر في "الجامع الصغير" أن المسافر إذا لم يجد الماء ووجد نبيذ التمر، توضأ به، ولم يتيمم".
ويُنظر: "الأصل" للشيباني (١/ ٥٨)، حيث قال: "قلت: أرأيت مسافرًا حضرت الصلاة ومعه نبيذ التمر، ليس معه غيره، أيتوضأ به؟ قال: نعم، يتوضأ به، ويتيمم مع ذلك أحب إليَّ. قلت: فإن لم يتيمم وتوضأ بالنبيذ وحده؟ قال: يجزيه في قول أبي حنيفة. قلت: لم يجزه؟ قال: لأنه بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ بالنبيذ".
(٢) "النبيذ": التمر ينبذ في جرة الماء أو غيرها أي: يلقى فيها حتى يغلي، وقد يكون من الزبيب والعسل. انظر: "المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي (ص ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>