للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ (١): يُجْزِيهِ الدَّمُ، وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ يُعِيدُ، وَيَجْبُرُ مَا نَقَصَهُ، وَلَا يُجْزِيهِ الدَّمُ. وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الدَّمِ عَلَى مَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ (٢) فِي الثَّلَاثَةِ الْأَشْوَاطِ، وَبِالْوُجُوبِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ. وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ. وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا مَبْنَاهُ عَلَى أَنَّهُ هَلْ سُنَّةٌ؟ أَمْ لَا؟ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ. وَتَقْبِيلُ الْحَجَرِ أَوْ تَقْبِيلُ يَدِهِ بَعْدَ وَضْعِهَا عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَصِلِ الْحَجَرَ عِنْدَ كُلِّ مَنْ لَمْ يُوجِبِ الدَّمَ قِيَاسًا عَلَى الْمُتَمَتِّعِ إِذَا تَرَكهُ: فِيهِ دَمٌ).

لو نسي الطواف يُعيده إذا كان بمكة، فإذا سافر إلى أهله؟ يجزيه الدم كما قال أبو حنيفة.

* قوله: (وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَسِيَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ هَلْ عَلَيْهِ دَمٌ؟ أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ دَمٌ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: يَرْكَعُهُمَا مَا دَامَ فِي الْحَرَمِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: يَرْكَعُهُمَا حَيْثُ شَاءَ، وَالَّذِينَ قَالُوا فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ: إِنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ، اخْتَلَفُوا فِيمَنْ تَرَكَهُ، وَلَمْ تَتَمَكَّنْ لَهُ الْعَوْدَةُ إِلَيْهِ هَلْ عَلَيْهِ دَمٌ؟ أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا فَيَعُودَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ: عَلَيْهِ دَمٌ إِنْ لَمْ يَعُدْ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عِنْدَهُمْ مَا لَمْ يَبْلُغِ الْمَوَاقِيتَ).

اختلفوا في طواف الوداع نفس اختلافهم في المسألة السابقة، وقول مالك أنه ليس عليه شيء إلا أن يكون قريبًا، والصواب: أن عليه الدم كما قال أبو حنيفة.


(١) يُنظر: "الدر المختار" (٢/ ٥١٨)؛ حيث قال: " (فإن أخَّره عنها)؛ أي: أيام النحر ولياليها منها، (كره) تحريمًا (ووجب دم) لترك الواجب، وهذا عند الإمكان، فلو طهرت الحائض إن قدر أربعة أشواط ولم تفعل لزم دم وإلا لا".
(٢) الرَّمَل: هو المشي خببًا يشتد فيه دون الهرولة، وهيئته: أن يحرك الماشي منكبيه لشدة الحركة في مشيه. "الاستذكار" (٤/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>