للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشاهد في قوله: "إلا الدَّين"، ففي بعض الروايات: "أَخْبَرني بذَلكَ جِبْريل" (١)، أو "سَارَّنِي به جبريل" (٢)، أو "ذكرَ ذَلكَ لي جبريل آنفًا"؛ أي: نزل عليه جبريل، فبيَّن له خطورة الدَّين.

ومن هنا نجد مكانة الشهداء {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)} [آل عمران: ١٦٩]، ومع ذلك نجد أن الشهيد يُغْفر له كل شيء إلا الدَّين، فَشَهيد البحر يرضي اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى غريمه؛ أي: يعطي غريمه حتى يرضى فيعفو عنه، فَهَذا يدل على خطورة الدَّين، ولذلك كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا جيء بجنازة، وذكر أن عليها دينًا، قال: "صلوا على صاحبكم"، فقال أحد الصحابة: عليَّ يا رسول اللَّه، فصلى عليه (٣).

* قوله: (لِقَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- وَقَدْ سَأَلَهُ الرَّجُلُ: "أَيُكَفِّرُ اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ إِنْ مُتُّ صَابِرًا مُحْتَسِبًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ، إِلَّا الدَّيْنَ، كَذَلِكَ قَالَ لِي جِبْرِيلُ آنِفًا"، وَالجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ (٤)، وَبِخَاصَّةٍ إِذَا تَخَلَّفَ وَفَاءٌ مِنْ دَيْنِهِ).

"الغَرِيمُ" (٥): صَاحب الحقِّ الذي له دَينٌ على آخر.


(١) أخرجها البيهقي في "الكبرى" (٥/ ٥٨١) بلفظ: "إلا الدَّين، كَذَلك أخبرني جبريل عليه السلام".
(٢) أخرجها النسائي (٣١٥٥)، وقال الأَلْبَانيُّ في "الإرواء" (٥/ ١٨): إسناده جيد.
(٣) أخرجه البخاري (٢٢٨٩) عن سلمة بن الأكوع -رضي اللَّه عنه-، قال: كنا جلوسًا عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، إذ أُتِيَ بجنازة، فقالوا: صلِّ عليها، فقال: "هَلْ عليه دَين؟ "، قالوا: لا، قال: "فهل ترك شيئًا؟ "، قالوا: لا، فصلى عليه، ثم أتي بجنازة أُخرى، فقالوا: يا رسول اللَّه، صلِّ عليها، قال: "هل عليه دين؟ "، قيل: نعم، قال: "فهَلْ ترك شيئًا؟ "، قالوا: ثلاثة دنانير، فصلى عليها، ثم أتي بالثالثة، فقالوا: صلِّ عليها، قال: "هل ترك شيئًا؟ "، قالوا: لا، قال: "فهل عليه دين؟ "، قالوا: ثلاثة دنانير، قال: "صلوا على صاحبكم"، قال أبو قتادة: صلِّ عليه يا رسول اللَّه وعليَّ دينه، فصلى عليه.
(٤) تقدَّم.
(٥) "الغريم": الذي عليه الدَّين. وقد يكون الغريم أيضًا الذي له الدَّين. والغرامة: ما يلزم أداؤه. انظر: "الصحاح" للجوهري (٥/ ١٩٩٦، ١٩٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>