للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (لِأَكْثَرَ مِنَ المُدَّةِ الَّتِي صَالَحَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الكُفَّارَ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ) (١).

هذه المدَّة التي صَالَحَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الكُفَّارَ عَامَ الحُدَيْبيَة: لا يجيز الإمام الشافعي، والحنابلة - في المشهور - للإمام أن يزيد عليها (٢).

وقالوا: هي الحدُّ الأعلى لأيّ صلح بين المسلمين وغيرهم.

وذلك: لأنها المدة التي اتفق عليها رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مع كفار قريش.

ولكن هناك رواية أُخرى غير مشهورة عند الحنابلة: أجاوزا للإمام أن يزيد على هذه المدة - وهي عشر سنوات - إذا رأى في ذلك مصلحة للمسلمين (٣).

قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ - فِي جَوَازِ الصُّلْحِ، مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ -: مُعَارَضَةُ ظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥]. وقَوْلِه تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة:٢٩])

هاتان الآيتان؛ وهما قول الله سُبْحانه وتعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا


(١) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٩/ ٣٠٥)، حيث قال: " (فإن لم يكن) بنا ضعف كما بأصله، ورأى الإمام المصلحة فيها (جازت أربعة أشهر)، ولو بلا عوض (لا سنة)؛ لأنها مدة الجزية فلا يجوز تقريرهم فيها بدون جزية (وكذا دونها)، وفوق أربعة أشهر (في الأظهر) للآية أيضًا نعم لا يتقيد عقدها لنحو نساء، ومال بمدة (ولضعف) بنا (تجوز عشر سنين) فما دونها بحسب الحاجة (فقط)، لأنها مدة مهادنة قريش، ومتى احتيج لأقل من العشر لم تجز الزيادة عليه".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) يُنظر: "الهداية على مذهب الإمام أحمد" للكَلْوَذَاني (ص ٢٢١)، حيث قال: "وقال شيخنا: تجوز المهادنة، وإن كان قويًّا مستظهرًا، وتجوز مهادنة أهل الحرب أكثر من عشر سنين في ظاهر كلامه في رواية حرب، وروي عنه: أنه لا يجوز أكثر من عشر سنين، وهي اختيار أبي بكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>