للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالمُحَارَبَةِ لِأَهْلِ الكِتَابِ مَا عَدَا أَهْلَ الكِتَابِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَنَصَارَى العَرَبِ).

لا يدخل في أهل الكتاب هنا: أهل الكتاب من كفار قريش، ومن معهم من العرب.

قوله: (هُوَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إِمَّا الدُّخُولُ فِي الإِسْلَامِ، وَإِمَّا إِعْطَاءُ الجِزْيَةِ).

نقول: لكن هل إعطاء الجزية عامٌّ لكل الكفار من المشركين وغيرهم، أو إنها خاصة بأهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن لحق بهم أيضًا؟ لأن هناك مَن يلحق باليهود، فيأخذ حكمهم، ومَن يلحق بالنصارى كأمثال هؤلاء الفرنج - كما كان يقول الفقهاء - فيأخذون حكمهم.

فهل من يدين بدين أهل الكتاب من غيرهم، يأخذ حكمهم، وتضرب عليهم الجزية أو لا؟

وقد قال الله سبحانه تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [التوبة: ١٢٩].

فقوله: {لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا الْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: ٢٩]: يدلُّ على أنهم - وبلا شك - كفار، وإن ادعوا أنهم من أهل الكتاب؛ لعدم إيمانهم. وذلك لأنهم لو كانوا يؤمنون بالله وباليوم الآخر حقًّا: لآمنوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يعلمونه حقَّ العِلم، ويعرفون صفاته أيضًا، وقد بشَّر به نبيُّ الله عيسى عليه الصلاة السلام؛ كما الله سبحانه تعالى حاكيًا قوله: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: ٦].

فقد علموا ذلك؛ لكنه لما جاء من العرب تغيرت الحال - كما نعلم - حسدًا منهم.

وأما قوله تعالى: {وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [التوبة: ٢٩]، فتفسيره: أنهم يأكلون ما حرم الله سبحانه تعالى عليهم؛ كلحم الخنزير،

<<  <  ج: ص:  >  >>