للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ … فَذَكَرَ الجِزْيَةَ فِيهَا"، وَقَدْ تَقَدَّمَ الحَدِيثُ) (١).

قد مرَّ بنا هذا الحديث أيضًا من قبل.

وفيه: "الدعوة إلى الإسلام، فإن أبوا فالجزية، فإن لم يكن، فاستعن بالله عليهم، وقاتلهم". وهذا الحديث: مطلق أيضًا، لم يخصّ به أهل الكتاب، وإنما هو عامٌّ.

قوله: (فَمَنْ رَأَى أَنَّ العُمُومَ إِذَا تَأَخَّرَ عَنِ الخُصُوصِ، فَهُوَ نَاسِخٌ لَهُ؛ قَالَ: لَا تُقْبَلُ الجِزْيَةُ مِنْ مُشْرِكٍ؛ مَا عَدَا أَهْلَ الكِتَابِ؛ لِأَنَّ الآيَ الآمِرَةَ بِقِتَالِهِمْ عَلَى العُمُومِ هِيَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ ذَلِكَ الحَدِيثِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الأَمْرَ بِقِتَالِ المُشْرِكِينَ عَامَّةً وَهُوَ فِي سُورَةِ "بَرَاءَةٌ"، ذَلِكَ عَامَ الفَتْحِ، وَذَلِكَ الحَدِيثُ إِنَّمَا هُوَ قَبْلَ الفَتْحِ بِدَلِيلِ دُعَائِهِمْ فِيهِ لِلْهِجْرَةِ، وَمَنْ رَأَى أَنَّ العُمُومَ يُبْنَى عَلَى الخُصُوصِ، تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ، أَوْ جَهِلَ التَّقَدُّمَ وَالتَّأَخُّرَ بَيْنَهُمَا؛ قَالَ: تُقْبَلُ الجِزْيَةُ مِنْ جَمِيعِ المُشْرِكِينَ، وَأَمَّا تَخْصِيصُ أَهْلِ الكِتَابِ مِنْ سَائِرِ المُشْرِكِينَ، فَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ العُمُومِ بِاتِّفَاقٍ).

هذه المسألة لا يختلف فيها العلماء:

فالجزية تُؤخَذ من أهل الكتاب؛ لأنها جاءت بنص الآية؛ في قول الله سُبْحانه وتعالى: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩]. فقوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [التوبة: ٢٩]: نص. وألحقوا بهذا النص: نصوصًا وردت في السُّنة أيضًا.

قوله: (بِخُصُوصِ قَوْله تَعَالَى: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩]).

يعني: قد خصَّ أهل الكتاب بذلك، ولم يقع فيهم خلاف؛


(١) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>