للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بالنسبة للغانمين - والذين يستحقون الأسهم: سهمان للفرس، وسهم لصاحبه، وسهم للراجل -: فهؤلاء يستحقون ذلك إذا حضروا الواقعة فقط. وستأتي بإذن الله تعالى مسائل كثيرة ذات ارتباط بهذا، وسنعرض للخلاف الوارد فيها بين أهل العلم.

* قوله: (وَقَالَ قَوْمٌ: بَلِ الخُمُسُ وَالصَّفِيُّ) (١).

المراد بالصَّفي (٢)، أي: ما يصطفيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغنيمة لنفسه، ويخص به نفسه عند القسمة دون غيره من المسلمين. فالرسول - صلى الله عليه وسلم - له أن يصطفي - على سبيل المثال -: سَيفًا، أو ثوبًا، أو جارية، أو عبدًا، أو غير ذلك من الأُمور، التي تكون من الغنائم. وهذا الصفي: إنما هو لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة.

والسؤال: هل يبقى هذا الأمر بعد أن مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فينتقل إلى الوالي بعده؟ أو أنه خاص برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته، وينتهي بوفاته؟

والجواب: جماهير العلماء (٣) على أن هذا الصفي: كان خاصًّا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه انتهى بموت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا ينتقل إلى غيره ممن يلي أمر الأمة بعده - صلى الله عليه وسلم - (٤).


(١) سيأتي؛ وهو قول أبي ثور.
(٢) "الصفي ": ما اختاره الرئيس قبل القسمة من فرس أو سيف أو جارية، وجمعه صفايا. انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (١٢/ ١٧٤).
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "فتح القدير" لابن الهمام (٥/ ٥٠٧)، حيث قال: "سقط بموته كما سقط الصفي".
ومذهب المالكية، يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٣/ ٤٠١)، حيث قال: "عند مالك وجل أهل العلم والصفي مخصوص به عليه السلام بإجماع العلماء إلا أبا ثور".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٨/ ٣٩١)، حيث قال: "وأما الصفي فقد سقط حكمه وبطل أن يستحقه أحد بعده".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٦/ ٤٥٩)، حيث قال: "قال أحمد: الصفي إنما كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، لم يبق بعده. ولا نعلم مخالفًا لهذا إلا أبا ثور".
(٤) سيأتي تخريجه في المتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>