للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الشرط الذي ذكره المؤلف رحمه الله (إِذَا خَرَجُوا؛ بِإِذْنِ الإِمَامِ) مختلف فيه.

فهذا القيد لا يراه جمهور العلماء، فهم لا يفرِّقون بين أن يخرج المقاتلون من المسلمين بإذن الإمام، أو لا.

فلو قُدِّر أن جيشًا من جيوش المسلمين، أو سريَّة من سراياهم: التقت بأموال للعدو، فظفرت بها، وكان ذلك بدون علم الإمام أو وليّ الأمر، فلهم الحقّ في الغنيمة؛ كما يرى جمهور العلماء (١)، ولا يعتدّ بقيد إذن الإمام.

ولكن الأهمّ من هذا القيد هو ألَّا يخرج هؤلاء عن طاعة الإمام أو يخالفوا أمره؛ لأن هذا الخروج هو الذي يُنهى عنه، ولا يجوز شرعًا؛ لما يترتَّب على ذلك من الضرر.

فلو جاء الأمر بغير معصية الإمام، وبغير إذنه: فلا حرج من أن


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "النتف في الفتاوى" للسغدي (٢/ ٧٢٤)، حيث قال: "لو خرجت سرية في دار الحرب للطليعة أو للدوران أو للصيد بإذن الامام أو بغير إذن الإمام فأصابوا غنيمة فإن تلك الغنيمة تكون لجميع العسكر وتخمس".
ومذهب المالكية، يُنظر: "التلقين" للقاضي عبد الوهاب (١/ ٩٣)، حيث قال: "السرية المنفصلة من جملة العسكر برأي الإمام فإن غنم العسكر شاركوهم في الغنيمة وإن غنصت السرية فالغنائم بينها وبين باقي العسكر خرجت بإذن الإمام أو غير إذنه".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "الأم" للشافعي (٤/ ٢٥٦)، حيث قال: "وإذا غزا المسلمون بلاد الحرب فسرت سرية كثيرة أو قليلة بإذن الإمام أو غير إذنه فسواء ولكني أستحب أن لا يخرجوا إلا بإذن الإمام".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الكافي في فقه الإمام أحمد" لابن قدامة (٤/ ١٥٢)، حيث قال: "وإذا دخل قوم لا منعة لهم دار الحرب بغير إذن الإمام، فغنموا، ففي غنيمتهم ثلاث روايات:
إحداهن: فيها الخمس وسائرها لهم؛ لعموم قوله سبحانه: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ}. والثانية: هي لهم من غير خمس؛ لأنه اكتساب مباح من غير جهاد، فأشبه الاحتطاب. والثالثة: هي فيء لا شيء لهم فيها؛ لأنهم عصاة بفعلهم، فلم يملكوه، كالسرقة من المسلمين. وإن كانت الطائفة ذات منعة فكذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>