للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا القول فيه نظرٌ؛ فإن المشهور في مذهب مالكٍ هو القول بقسمة أرض العَنوة (١).

* قوله: (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٢): "الأَرَضُونَ المُفْتَتَحَةُ تُقَسَّمُ كَمَا تُقَسَّمُ الغَنَائِمُ يَعْنِي: خَمْسَةَ أَقْسَامٍ").

فالإمام الشافعي في هذه المسألة إنما أخَذَ بما كان عليه الحال في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من القسمة أخماسًا كالغنائم.

* قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٣): "الإِمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُقَسِّمَهَا عَلَى المُسْلِمِينَ، أَوْ يَضْرِبَ عَلَى أَهْلِهَا الكُفَّارِ فِيهَا الخَرَاجَ، وَيُقِرَّهَا بِأَيْدِيهِمْ").

وهذا القول - كما أرى - إنما هو أصح الأقوال جميعًا وأعدلُها؛ لأن جميع الأدلة تلتقي عند هذا القول، ولأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم خيبر إنما كان فِعلُه دليلًا على صحة على المذهب، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قد قَسَّمَ نصف خيبر بين الغانمين، وترك النصف الثاني وقفًا بأيدي أصحاب الأرض (٤).


(١) المشهور أنها تكون وقف وليس تقسيمها، يُنظر: "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص ١٠٠)، حيث قال: "فإن فتحت عنوة فهي على ثلاثة أقسام بعيد عن قهرنا فيخرب بحرق أو بعدم وتحت قهرنا غير أنه لا يسكن فيقطعه الإمام لمن فيه نجدة ولا حق للجيش فيه وقريب مرغوب فيه، فالمشهور أنه يكون وفقًا يصرف خراجه في مصالح المسلمين من أرزاق المجاهدين والعمال وبناء القناطر والمساجد والأسوار وغير ذلك".
(٢) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٩/ ٢٦١)، حيث قال: " (عنوة) بفتح أوله، أي: قهرًا لما صحَّ عنه أنه قسمه في جملة الغنائم ولو كان صلحًا لم يقسمه".
(٣) يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" للمرغيناني (٢/ ٣٨٤)، حيث قال: "وإذا فتح الإمام بلدة عنوة "أي: قهرًا" فهو بالخيار إن شاء قسمه بين المسلمين "كما فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام بخيبر"، وإن شاء أقر أهله عليه ووضع عليهم الجزية وعلى أراضيهم الخراج".
(٤) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>