للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البَر، فهل يلحق حكمُهُ بحيوانات البحر؟ لأنَّ الأصلَ أنه يعيش فيه، أو يلحق بحَيَوانات البَر؟

* قَالَ: (وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الحَيَوَانَ الَّذِي يَعْمَلُ فِيهِ الذَّبْحُ هُوَ الحَيَوَانُ البَرِّيُّ ذُو الدَّمِ الَّذِي لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ).

هُوَ أوَّلًا حيوانٌ، وفي نَفْس الوقت يعيش في البَر، ولَه دَمٌ، وهذَا التعريف يخرج منه الجراد، والجراد فيه خلافٌ؛ فالمالكية انفردوا من بين العلماء (١) بأنه يُذكَّى، وغيرهم لا يَرى ذلك، والمؤلف لم يَعْرض له، هل يشوى في النار أم لا؟ وإنما يُقَص ريشه، ويُوضَع في القدور، وهذا هو الأَوْلَى، وهذه المسألة يتكلَّم عنها العلماء؛ لكن الصحيح أنه لا يُمْنع من ذلك.

وَأيضًا أن يكونَ غير محرَّم؛ لأنَّ من الحيوانات ما هو محرَّم، وسيأتي الخلاف في جلود السباع إذا ذُكِّيت، وهل ذكاتها تبيح جلودها؟

* قوله: (وَلَا مَنْفُوذِ المَقَاتِلِ) (٢).

أَيْ: الَّذي أُصِيبَ في مَقْتلٍ من المَقَاتل، وهذا ينصُّ علَيه المالكيَّة أكثَر من غَيْرهم، مثل حيوانٍ قطَع نخاعه، والنخاع الَّذي يَأْتِي من جهة الظهر والرأس، فلو قطع نخاعه مات، فهل هذا يعتبر قد انتهى أم لا؟ كذلك أيضًا لو ضُرِبَ في رأسه فَسَالت دماؤه، أو قُطعَتْ أوداجه، أو اعتدى عليه حيوانٌ، أو شق بطن الحيوان، ثمَّ بعد ذلك سالت قصباته


(١) سيأتي تحرير تلك المسائل في موضعها عند كلام ابن رشد.
(٢) مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير و"حاشية الدسوقي" (٢/ ١١٣) حيث قال: " (إلا الموقوذة)، أي: المضروبة بحجر أو عصا (وما) ذكر (معها) في الآية قبلها أو بعدها كالمنخنقة بحبل ونحوه، والمتردية من شاهقٍ أو في بئرٍ أو حفرةٍ والنطيحة من أُخرى، وما أكل بعضها السَّبُع (المنفوذة) بعض (القاتل)، فلا تعمل فيها الذكاة".

<<  <  ج: ص:  >  >>