للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: الصيد ليس واجبًا، لكن أحيانًا قد ينتقل الصيدُ من الإباحة إلى الوجوبِ (١)، قد يسأل سائل فيقول: كيف ذلك؟ قد يكون الإنسان في قطعةٍ منَ الفلاة، في صحراءَ ليس فيها أنيسٌ، فتدركه المجاعة، الله - سبحانه وتعالى -، حرَّم علينا الميتَةَ، قال تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} [المائدة: ٣]، وقال. تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٧٣]، إذن الميتة لا يجوز أكلها، لكن لو اضطرَّ الإنسان إليها بأنْ خافَ الهلاك على نفسه، فإنه في هذه الحالة يجب عليه أن يأكل من المَيتَةَ، كذلك قد يكون الإنسانُ في مكانٍ ما، فلا يجد ما يسُدُّ رمقَهُ ولا ما يدفع عنه الموت، فيرى قُدورًا قريبةً منه، أو يجدُ صَيْدًا من الصيد قريبًا منه، فيجب عليه في هذه الحالة أن يصطادَ وأن يأكلَ، لأنَّ الله تعالى يقول: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: ٢٩]، وقد يكون الصيد أيضًا منْدوبًا (٢)، فقد لا يكون الإنسان قد وصل إلى ما يُؤَدِّي بِهِ إلى الهلاك، لكنه بحاجةٍ شديدةٍ إلى الصيد فيكون مَنْدُوبًا أي: مسنونًا في حقّه. أما في سائر الأمور فهو مباحٌ (٣)، لكن إذا كان قصدُ الإنسان هو التشَهِّي بالصيد (٤)، بمعنى: أنَّ لديه هوايةً في قتل الصيد دون أن يكون محتاجًا إلى ذلك، فهذا لا ينبغي له، وهذا يدخل في الحديث الذي مرَّ بنا، وهو أنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَا مِنْ إنسان يَقْتُلُ عصفورًا"، وهذا الحديث فيه مقالٌ لكن جاء من عدَّة طرق، وعموم الأدلة تشهد له، والعصفور: هو الطائر الصغير "فما فوقها بغير حَقِّها إلا سأله الله عنها يوم القيامَةِ" قيل: يا رسول الله وما حقها؟ قال: "أن تذْبَحَها فتأكُلَها" (٥)،


(١) سيأتي.
(٢) سيأتي.
(٣) سيأتي.
(٤) سيأتي.
(٥) أخرجه النسائي في الكبرى (٤/ ٤٨٩) عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من إنسان يقتل عصفورًا، فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عنها"، قيل: يا رسول الله وما حقها؟ قال: "يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها فيرمي بها" وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (٥١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>