للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" (١)، وفي بعض الروايات: "لا نكاح إلا بولي مرشد" (٢)، الكلام هنا فيما يتعلق بنسيان الزهري راوي هذا الحديث في القصة التي حكيت عن ابن جريج (٣).

قوله: (وَالْبَيَانُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ (٤). وَلَوْ كانَ فِي هَذَا كُلِّهِ شَرْعٌ مَعْرُوفٌ لَنُقِلَ تَوَاتُرًا أَوْ قَرِيبًا مِنَ التَّوَاتُرِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى) (٥).

لكننا ننقض هذه المقايسة، وهذا التعليل، ونقول: لو كان ذلك مطلوبًا لنقل.

قوله: (وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَدِينَةِ مَنْ لَا وَلِيَّ لَه، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَعْقِدُ أَنْكِحَتَهُمْ وَلَا يُنَصِّبُ لِذَلِكَ مَنْ يَعْقِدُهَا).

لم ينقل عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه وكل إلى النساء أن يعقدن نكاحهن فيبقى الأمر على ما سبق، وحديث: "لا نكاح إلا بولي


(١) تقدَّم تخريجه. وينظر: "نصب الراية" للزيلعي (٣/ ١٨٣ - ١٩٠).
(٢) أخرجه البيهقي في "السنن الصغرى" (٣/ ١٩) موقوفًا عن ابن عباس قال: "لا نكاح إلا بولي مرشد، وشاهدي عدل". هذا هو المحفوظ موقوفًا.
(٣) يُنظر: "سنن الترمذي" (١١٠٢)؛ حيث قال: "وقد تكلم بعض أصحاب الحديث في حديث الزهري عن عروة، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن جريج: ثم لقيت الزهري فسألته فأنكره فضعفوا هذا الحديث من أجل هذا".
(٤) يُنظر: "إرشاد الفحول" للشوكاني (٢/ ٢٦)؛ حيث قال: "أن يتأخر عن وقت الحاجة، وهو الوقت الذي إذا تأخر البيان عنه لم يتمكن المكلف من المعرفة لما تضمنه الخطاب، وذلك في الواجبات الفورية لم يجز، لأن الإتيان بالشيء مع عدم العلم به ممتنع عند جميع القائلين بالمنع من تكليف ما لا يطاق، وأما من جوز التكليف بما لا يطاق، فهو يقول بجوازه فقط، لا بوقوعه، فكان عدم الوقوع متفقًا عليه بين الطائفتين".
(٥) وهذه قاعدة الحنفية في خبر الواحد. وشظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٣/ ٤٤)؛ حيث قال: "وخبر الواحد إذا ورد فيما تعم به البلوى لا يقبل؛ إذ لو كان صحيحًا لاشتهر نقله فيما عم به البلوى".

<<  <  ج: ص:  >  >>