للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَهَذِهِ أَصْنَافُ الطُّرُقِ الَّتِي تُتَلَقَّى مِنْهَا الأَحْكَامُ أَوْ تُسْتَنْبَطُ.

وَأَمَّا الإِجْمَاعُ فَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى أَحَدِ هَذِهِ الطُّرُقِ الأَرْبَعَةِ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا، وَلَمْ يَكُنْ قَطْعِيًّا، نَقَلَ الحُكْمَ مِنْ غَلَبَةِ الظَّنِّ إِلَى القَطْعِ. وَلَيْسَ الإِجْمَاعُ أَصْلًا مُسْتَقِلًّا بِذَاتِهِ مِنْ غَيْرِ إِسْنَادٍ إِلَى وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ يَقْتَضِي إِثْبَاتَ شَرْعٍ زَائِدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ لَا يَرْجِعُ إِلَى أَصْلٍ مِنَ الأُصُولِ الشَّرْعِيَّةِ.

وَأَمَّا المَعَانِي المُتَدَاوَلَةُ المُتَأَدِّيَةُ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ اللَّفْظِيَّةِ لِلْمُكَلَّفِينَ، فَهِيَ بِالجُمْلَةِ: إِمَّا أَمْر بِشَيْءٍ، وإمَّا نَهْي عَنْهُ، وإمَّا تَخْيِيرٌ فِيهِ. وَالأَمْرُ إِنْ فُهِمَ مِنْهُ الجَزْمُ وَتَعَلَّقَ العِقَابُ بِتَرْكِهِ سُمِّيَ وَاجِبًا، وإنْ فُهِمَ مِنْهُ الثَّوَابُ عَلَى الفِعْلِ وَانْتَفَى العِقَابُ مَعَ التَّرْكِ سُمِّيَ نَدْبًا، وَالنَّهْيُ أَيْضًا إِنْ فُهِمَ مِنْهُ الجَزْمُ وَتَعَلَّقَ العِقَابُ بِالفِعْلِ سُمِّيَ مُحَرَّمًا وَمَحْظُورًا، وإنْ فُهِمَ مِنْهُ الحَثُّ عَلَى تَرْكِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّقِ عِقَابٍ بِفِعْلِهِ سُمِّيَ مَكْرُوهًا، فَتَكُونُ أَصْنَافُ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ المُتَلَقَّاةُ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ خَمْسَةً: وَاجِبٌ، وَمَنْدُوبٌ، وَمَحْظُورٌ، وَمَكْرُوهٌ وَمُخَيَّرٌ فِيهِ وَهُوَ المُبَاحُ.

وَأَمَّا أَسْبَابُ الاخْتِلَافِ بِالجِنْسِ فَسِتَّةٌ:

أَحَدُهَا: تَرَدُّدُ الأَلْفَاظِ بَيْنَ هَذِهِ الطُّرُقِ الأَرْبَعِ، أَعْنِي: بَيْنَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ عَامًّا يُرَادُ بِهِ الخَاصُّ، أَوْ خَاصًّا يُرَادُ بِهِ العَامُّ، أَوْ عَامًّا يُرَادُ بِهِ العَامُّ، أَوْ خَاصًّا يُرَادُ بِهِ الخَاصُّ، أَوْ يَكُونَ لَهُ دَلِيلٌ خِطَابٍ، أَوْ لَا يَكُونَ لَهُ.

وَالثَّانِي: الاشْتِرَاكُ الَّذِي فِي الأَلْفَاظِ، وَذَلِكَ إِمَّا فِي اللَّفْظِ المُفْرَدِ كَلَفْظِ القُرْءِ الَّذِي يَنْطَلِقُ عَلَى الأَطْهَارِ وَعَلَى الحَيْضِ، وَكَذَلِكَ لَفْظُ الأَمْرِ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ، وَلَفْظُ النَّهْيِ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى التَّحْرِيمِ أَوْ عَلَى الكَرَاهِيَةِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>