للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندما جاء ذكر هاجر أم إسماعيل كان يقول: "تلك أمكم يا بني ماء السماء" (١). هاجر أم إسماعيل، يقول: تلك يا أيها العرب أمكم يا بني ماء السماء.

العلماء فسروا هذه العبارة تفسيرات عدة، هي كلها حقيقة تفسيرات مقبولة وواقعية.

فبعضهم قال: المقصود من ذلك عندما تأتي وتطبقها على حالة العرب، كان العرب يتنقلون في الفلوات يتتبعون مواضع القطر؛ يعني: مواضع نزول الماء فكانوا بماشيتهم ينتقلون من مكان لمكان، هذا هو الغالب على حال العرب فيما مضى، ولا يزال الرعاة موجودين إلى وقتنا الحاضر.

إذن "يا بني ماء السماء"، القصد منها: يا من اشتهرتم بتتبع المياه التي تنزل من السماء. فنُسِبوا إلى ذلك تغليبًا.

وبعضهم قال: "يا بني ماء السماء" لأن هاجر عندما كانت تسعى بين الصفا والمروة عندما نفد ماؤها والطعام الذي كان معها لجأت إلى الله سبحانه وتعالى فأرسل جبريل فضرب بجناحه فخرج ذلكم الماء، قالوا: بأن هذا الماء كما جاء في رواية ابن حاتم وغيره (٢) إنما هو ماء من السماء، إذن نسبوا إلى ذلك نسبة إلى زمزم.

وبعضهم يقول: إن العرب سُموا بذلك لصفاء أنسابهم ونقائها؛ لأن العرب نسبهم معروف، ولا يتعلق الأمر بالتعصب ولكن يتعلق الأمر بالتقوى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣]، فنسب الإنسان لا يفيده لو خرج عن الطريق السليم، فلا نفع أبا جهل ولا نفع أيضًا أبا لهب


(١) أخرجه البخاري (٣٣٥٨)، ومسلم (٢٣٧١).
(٢) قال ابن حبان في "صحيحه" (١٣/ ٤٧): "كل مَن كان من ولد هاجر يقال له: ولد ماء السماء؛ لأن إسماعيل من هاجر، وقد ربي بماء زمزم وهو ماء السماء الذي أكرم الله به إسماعيل حيث ولدته أمه هاجر، فأولادها أولاد ماء من السماء".

<<  <  ج: ص:  >  >>