للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَتَخَرَّجُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّفْرِيقَ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ).

جمهور العلماء وهم الشافعية والحنفية والحنابلة (١) يقولون: ذلك حق من حقوقه فما المانع من أن يتزوج في هذا المرض، ولا نجد مانعًا من ذلك، ويستدلون على ذلك بقصة عبد الرحمن بن أم حكيم؛ فإنه تزوج في مرض موته ثلاث نسوة (٢)، وفي بعض الروايات: أنه تزوج امرأتين (٣)، ولم ينكر عليه أحد من العلماء؛ فدل ذلك على جوازه. هذا إلى جانب التعليلات التي ذكرها المؤلف.

والمالكية يقولون: هو متهم في هذا المرض بأنه يريد الإضرار بزوجته أو بزوجاته فيعامل بنقيض قصده، وما دام متهمًا فإنه في هذه الحالة يمنع ويفرق بينهم وإن تزوج وزال عنه المرض، ما دام تزوجها وهو في مرض يُخشى هلاكه فيه.

وهذه المسألة لها علاقة بقضية أصولية، وهي ما يتعلق بالمصالح المرسلة، ولا شك أن أكثر العلماء عملًا بقضية المصالح المرسلة هم المالكية، ويتلوهم في ذلك الحنابلة، أما الحنفية يتحايلون على ذلك فيسمونه استحسانًا، والشافعية لا يرون ذلك، وإن كان في الواقع أخذوا بمسائل، ولكن عدوها من باب القياس (٤).


= مالك في نكاح المريض والمريضة المخوف عليهما، فقال: يفسخ وإن صح المريض منهما، فيدل على أن الفرقة واجبة … والأول أظهر وأشهر. والثاني عندي أولى بالمذهب".
(١) يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٥/ ٧)؛ حيث قال: "ويباح النكاح لمن لا شهوة له كالعنين والمريض".
(٢) أخرجه الشافعي في "المسند" (ص ٣٧٧) وغيره عن عكرمة بن خالد، يقول: "أراد عبد الرحمن بن أم الحكم في شكواه أن يخرج امرأته من ميراثها فأبت، فنكح عليها ثلاث نسوة وأصدقهن ألف دينار كل امرأة منهن، فأجاز ذلك عبد الملك بن مروان وشرك بينهن في الثمن".
(٣) لم أقف عليه.
(٤) قال الشوكاني في "إرشاد الفحول" (٢/ ١٨٤): "اختلفوا في القول بها على مذاهب:
الأول: منع التمسك بها مطلقًا وإليه ذهب الجمهور.=

<<  <  ج: ص:  >  >>