للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ (١)؛ فَعَلَى المُوسِرِ: مُدَّانِ، وَعَلَى الأوْسطِ: مُدٌّ وَيصْفٌ، وَعَلَى المُعْسِرِ: مُدٌّ. وَيسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: تَرَدُّدُ حَمْلِ النَّفَقَةِ فِي هَذَا البَابِ عَلَى الإِطْعَامِ فِي الكَفَّارَةِ، أَوْ عَلَى الكِسْوَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا أَنَّ الكِسْوَةَ غَيْرُ مَحْدُودَةٍ، وَأَنَّ الإِطْعَامَ مَحْدُودٌ).

الشافعي: اعتبر أن أقل ما يدفع في الكفارة إنما هو مد، وقال: إن الكفارة ربطها الله سبحانه وتعالى بما ينفق المرء على أولاده لقوله تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: ٨٩]، أما الموسر فيدفع مدين ويحتج بأن أعلى ما ورد في الكفارة إنما هو مدان، ثم بعد ذلك جاء إلى الوسط فقال: مد ونصف، والشافعي (٢) يقيده بالحَب، والجمهور لا يقيدونه بذلك (٣) وإن كان الأفضل هو الحب.

ولكن يظهر لي والله أعلم: أن مذهب جمهور العلماء في ذلك أقوى؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لهند: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"،


(١) تقدَّم.
(٢) يُنظر: "نهاية المحتاج"، للرملي (٧/ ١٨٩)؛ حيث قال: " (وعليه) "أي: الزوج (تمليكها) يعني: أن يدفع إليها. . . إلى أن قال: (حبًّا) سليمًا إن كان واجبه كالكفارة، ولأنه أكمل في النفع فتتصرف فيه كيف شاءت، (وكذا) عليه بنفسه أو نائبه وإن اعتادت فعل ذلك بنفسها (طحنه) وعجنه (وخبزه في الأصح) للحاجة إليها".
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "البحر الرائق شرح كنز الدقائق"، لابن نجيم المصري (٤/ ١٩٠)؛ حيث قال: "فيجب على الزوج ما يكفيها من الطعام والإدام والدهن، لأن الخبز لا يؤكل عادة إلا مأدومًا، وأما الدهن فلا بد منه للنساء".
مذهب المالكية، يُنظر: "الىشرح الكبير"، للشيخ الدردير و"حاشية الدسوقي" (٢/ ٥٠٩)؛ حيث قال: " (و) اعتبر حال (البلد) التي هما بها (و) حال (السعر) في ذلك الزمان ويجب عليه ما يكفيها من القوت".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٥/ ٤٦٢)؛ حيث قال: " (ولا يجب في النفقة الحب) بل الكفاية من الخبز لأنه المتعارف وكنفقة السيد، ولأن الحب يحتاج إلى كلفة ومؤنة".

<<  <  ج: ص:  >  >>