للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن جعل الغراب له دليلًا … يمر به على جيف الكلاب (١)

الإنسان عندما يتبع الغراب إلى أين سيأخذه؛ هو يبحث عن الجياف؛ كذلك من يسلك طريق الردى فإن مصيره ونهايته كنهاية من يتبع هذا الغراب؛ فإن الذي يتبع أهل المعاصي وأهل الردى إنما يوقعونه بمثل من يقتدي بهذا الغراب مع الفارق أيضًا؛ لكن هنا الأمر أخطر وأكبر إذا كان هناك أمور جاء النهي عنها صريحًا في كتاب الله عزَّ وجلَّ وفي سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

والنهي إذا لم يوجد ما يصرفه فإنه يبقى على التحريم (٢)؛ منها نكاح الشغار.

ونكاح المتعة كان جائزًا في أول الأمر؛ فالرسول - صلى الله عليه وسلم - أباح ذلك للصحابه لشدة الحاجة إليه ثم حرم (٣).

والمتعة معناها: أن الرجل يعقد على المرأة لفترة معينة وهذا لا يجوز في النكاح، فالنكاح ليس له وقت محدد؛ نعم قد يتزوج الرجل المرأة ويطلقان هذا حق له، لكن أن يتزوجها لمدة شهر أو عشرين يومًا أو لفصل الصيف؛ فهذا أمر لا يجوز؛ لأن هذا قد حرمه الله سبحانه وتعالى.

وهناك أمور مباحة في أول الأمر، ثم نجد بعد ذلك أنها حرمت؛ فالخمر لم يرد تحريمها مرة واحدة؛ فإنها مرت بمراحل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: ٢١٩]؛ فامتنع عنها بعض الناس قالوا: ما دام إثمها أكبر من نفعها فلا خير فيها فندعها.


(١) بيت من الوافر، وهو في: حياة الحيوان، للدميري (٢/ ٢٤٤)، زهر الأكم، لليوسي (١/ ٢٢٠) من غير نسبة.
(٢) يُنظر: "شرح الكوكب المنير"، لابن النجار (٣/ ٨٣)؛ حيث قال: " (فإن تجردت) صيغة النهي عن المعاني المذكورة والقرائن (فـ) هي التحريم) عند الأئمة الأربعة".
(٣) سيأتي عند كلام ابن رشد.

<<  <  ج: ص:  >  >>