للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: إنهاء الزواج في الحال كما في الطلاق المنجز كطلاق البائن، ولا يجوز له أن يتزوجها حتى تنكح زوجًا غيره ويوطئها، وإن طلقها طلاقًا رجعيًّا.

وهذا هو الطلاق الشرعي الذي أرشد إليه الإسلام ودعا إليه، وأمر اللّه سبحانه وتعالى، به وأوصى به رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أمته؛ فسيملك رجعتها ما دامت في العدة فلا خيار لها، ولا لولي أمرها، وإذا ما انتهت العدة فإنه لا يرجع إليها إلا بعقد جديد ومهر جديد.

والطلاق ليس على نسق واحد بل يشمل الأحكام الخمسة: طلاق واجب، ومحرم، ومندوب إليه، ومكروه، وجائز.

ويجب الطلاق: إذا حصل خلاف بين الزوجين وتعذر تمكنهما من إصلاح الخلاف، فحصلت النَّفرة وانغلقت القلوب بعضها عن بعض، وكما قال الشاعر:

إن القلوب إذا تنافر ودُّها … مثل الزجاجة كسرها لا يجبر (١)

فحينئذ كما قال اللّه سبحانه وتعالى: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: ٣٥]؛ فيلجأ إلى الحكمين عندما يشتد الخلاف ولا يمكن علاجه بين الزوجين والأسرة؛ فيُختار حكمان يبذلان ما في وسعهما لإبقاء هذه العلاقة.

فإن استطاعا فالحمد للّه، وإذا قررا الفراق فإنه حينئذ يلجأ إلى الطلاق، لأنه لو بقي الإنسان في هذه الحالة إما أن تقوم الحياة على العناء وكأنهما يعيشان في سعير، ولو أن الرجل ترك المرأة فإنها تصبح كالمعلقة فيمنعها من حقوقها، فحينئذ يكون الطلاق واجبًا، ومع أنه جاء في الحديث الذي اختلف العلماء فيه رفعًا وإرسالًا: "أبغض الحلال عند اللّه


(١) بيت من الكامل، وهو في: "اللطائف والظرائف"، لأبي منصور الثعالبي (ص ١٩٦) من غير نسبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>