للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا غير المدخول بها، فللزوج أن يطلِّقها طاهرًا أو حائضًا؛ لأن القصد من اعتداد المرأة المدخول بها إنما هو براءة الرَّحم، أما غير المدخول بها فلا فرق في حقِّها بين هذا وذاك.

أما المحظور فإنه طلاق الرجل امرأته ثلاثًا دفعةً واحدةً، ويستوي في هذا طلاق المدخول بها وغير المدخول بها.

قوله: (وَإِنَّمَا أَجْمَعُوا عَلَى هَذَا لِمَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "مُرْه، فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ") (١).

"مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا": لأهل العلم كلامٌ في هذا، فيما إذا كان الأمر هاهنا للوجوب أم الاستحباب (٢)، وكذلك فيما إذا كان هذا الحديث يُستدَلّ به على وقوع الطلاق في الحيض - كما هو مذهب الجمهور - أم أنه يُستدَلُّ به على عدم وقوعه.

"حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ": وهاهنا كذلك كلامٌ لأهل العلم فيما إذا كان هذا الوصف واجبًا، أم أنه إذا طلقها بعد الطهر الأول دون أن يمسَّها يكون بذلك مطلِّقًا للسُّنة، وسيأتي تفصيل هذا كله.

قوله: (ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ").

لأنه بعد هذه المدة يكون قد اتضح الأمر أمامه من حيثُ الموازنة بين فوائد الطلاق وأضراره، فتعد هذه المدة فرصة للزوج لإعادة التفكير وإعمال الذهن فيما يترتب على هذا الطلاق في حقِّ أسرته وأولاده،


(١) تقدم تخريجه.
(٢) سيأتي الخلاف في مسألة الإجبار على الرجعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>