للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (أبو بكر) فيه نظرٌ، فإن اسمه (بكر بن عبد اللّه المزيني) (١).

وبكر بن عبد الله المزيني لم يشذَّ عن الجمهور فقط كما ذكر المؤلف، وإنما شذَّ عن كافة أهل العلم (٢)، وانفرد بهذا القول، فصار قوله شاذًّا لمخالفته الإجماع، بخلاف ما يكون من المخالفة للجمهور، فقد يكون القول المخالِف للجمهور هو الصحيح.

وبكر بن عبد اللّه المزيني قد استدلَّ بقول الله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٢١)} [لنساء: ٢٥، ٢١]. فاستدلَّ بهذه الآية على عدم أخذ الزوج من الزوجة شيئًا، وانفرَدَ بدعوى أن هذه الآية ناسخةٌ للآية الأخرى في قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩].

ولا شكَّ أن هذا الفهم يخالف الفهم الذي أَجمَعَ عليه كافَّة أهل العلم قاطبةً، من أنَّ آية سورة النساء تتناول زَجْرَ الزوج عن الطمع فيما أعطاه ووهبه لزوجته من الصداق، فليس له أن يأخذ شيئًا منه إلا برضا الزوجة، أما في المُخالَعَةِ فهناك تَبايُنٌ في الصفة والصورة.

وأمَّا النسخ فلا شكَّ أنه يحتاج إلى معرفة السابق من اللاحق، كما أنه لا يُلجَأ إليه إلا بعد تَعَذُّر الجمع بين الأدلة، والجمع ممكِنٌ هاهنا غير متعذر، فلا نَسْخَ بين الآيتين في حقيقة الأمر.

وقد رَدَّ أهلُ العلم هذا القول واعتبروه من الشذوذ وأجابوا عنه.

* قوله: (فَسَبَبُ الخِلَافِ: حَمْلُ هَذَا اللَّفْظِ عَلَى عُمُومِهِ أَوْ عَلَى خُصُوصِهِ).

والصحيح في هذا أنه يُحمَل على الخُصوصِ لا العُمومِ.


(١) كما ذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب"، وتقدم.
(٢) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>