للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالعلماء تكلَّموا فيما إذا وَقَعَ الخُلعُ بعِوَضٍ محرَّمٍ كالخمر والخنزير، فاتفقوا على عدم جوازه، ولكن الخلاف بينهم فيما إذا كان الزوج حينئذٍ يأخذ بدلًا عن هذا العوض المحرَّم أم لا.

وبيان أقوال العلماء في هذه المسألة كالتالي:

- مذهب الشافعي: أنه يأخذ حينئذٍ مهر المثل؛ لأنه قد خالَعَها في الأصل على شيءٍ، فله أن يُعطَى ما دَفَعَه لها في الأصل، وهو مهر المثل.

- مذهب الأئمة الثلاثة أبي حنيفة ومالك وأحمد (١): أنه ليس للزوج أن يأخذ بدلًا؛ لأن المخالَعة قد وقعَت على أمرٍ فاسدٍ.

ومذهب الجمهور هاهنا تجد فيه أصلًا من أصول الشريعة، وهو المعامَلة بنقيض القصد؛ لأنه في الأصل قد قَبِلَ أن يتقاضَى عِوَضًا مُحرَّمًا كالخمر والخنزير.

* قوله: (المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَأَمَّا مَا يَرْجِعُ إِلَى الحَالِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الخُلْعُ مِنَ الَّتِي لَا يَجُوزُ: فَإِنَّ الجُمْهُورَ (٢) عَلَى أَنَّ الخُلْعَ جَائِزٌ مَعَ التَّرَاضِي إِذَا لَمْ يَكُنْ سَبَبُ رِضَاهَا بِمَا تُعْطِيهِ إِضْرَارَهُ بِهَا).

أما الخلع مع التراضي فلا شكَّ في جوازه، بخلاف حالة الإكراه


(١) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٦٢٣) حيث قال: " (وهو) أي: الخلع (على محرم يعلمانه كخمر، وخنزير ك) خلع (بلا عوض) فلا شيء له".
(٢) مذهب المالكية: ينظر: "الفواكه الدواني" للنفراوي (٢/ ٥٣) حيث قال: " (إذا لم يكن) الافتداء ناشئًا (عن ضرر بها) غير شرعي (فإن كان) مسببًا (عن ضرر) أوقعه (بها) فلا يفوز به و (رجعت) عليه (بما أعطته) له (ولزمه الخلع) بعد إثباتها الضرر) ".
ومذهب الشافعية: ينظر: "أسنى المطالب " لزكريا الأنصاري (٣/ ٢٤١) حيث قال: " (وإن أكرهها) بالضرب ونحوه (على الخلع)، أي: اختلاعها فاختلعت (لم يصح) للإكراه (ووقع) الطلاق (رجعيًّا إن لم يسم المال) ".
ومذهب الحنابلة: ينظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٥/ ٢١٣) حيث قال: " (وإن عضلها، أي: ضارها بالضرب والتضييق عليها أو منعها حقوقها من القسم والنفقة ونحو ذلك) كما لو نقصها شيئا من ذلك (ظلمًا لتفتدي نفسها فالخلع باطل) ".

<<  <  ج: ص:  >  >>