للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّلَاقِ وَفِي عَدَدِهِ، فَمَا نَوَى كانَ مَا نوَى، فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً كَانَ رَجْعِيًّا، وَإِنْ أَرَادَ تَحْرِيمَهَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَعَلَيْهِ كفَّارَةُ يَمِينٍ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ يَنْوِي أَيْضًا فِي الطَّلَاقِ وَفِي الْعَدَدِ، فَإِنْ نَوى وَاحِدَةً كانَتْ بَائِنَةً، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا كَانَ يَمِينًا، وَهُوَ مُولٍ، فَإِنْ نَوَى الْكَذِبَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ. وَالْقَوْلُ السَّادِس: إِنَّهَا يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا مَا يُكَفِّرُ الْيَمِينَ، إِلَّا أَنْ بَعْضَ هَؤُلَاءِ قَالَ: يَمِينٌ مُغَلَّظَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْن عَبَّاس وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَابعِينَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاس وَقَدْ سُئِلَ عَنْهَا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] "خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. ذَهَبَ إِلَى الاحْتِجَاجِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١] الْآيَةَ. وَالْقَوْلُ السَّابع: أَنَّ تَحْرِيمَ الْمَرْأَةِ كتَحْرِيمِ الْمَاءِ، وَلَيْسَ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَلَا طَلَاقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: ٨٧] وَهُوَ قَوْلُ مَسْرُوقٍ وَالأجْدَعِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَمَنْ قَالَ فِيها إِنَّهَا غَيْرُ مُغَلَّظَةٍ: بَعْضُهُمْ أَوْجَبَ فِيهَا الْوَاجِبَ فِي الظِّهَارِ، وَبَعْضُهُمْ أَوْجَبَ فِيهَا عِتْقَ رَقَبَةٍ، وَسَبَبَ الاخْتلَافِ: هَلْ هُوَ يَمِينٌ أَوْ كِنَايَةٌ؟ أَوْ لَيْسَ بِيَمِينٍ وَلَا كِنَايَةٍ؟ فَهَذِهِ أَصُولُ مَا يَقَعُ مِنَ الاخْتِلَافِ فِي أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ).

الشافعية لم يقسموا الكنايات إلى قسمين بل جعلوها صنفًا واحدًا لا فرق عندهم بين ظاهرةٍ ومحتملةٍ، فهى ترجع إلى نية الإنسان استفت قلبك وإن أفتوك، والشافعية لهم حجة قوية فهم يستدلون بحديث رُكَانة، وفي حديثه: أنه عندما طلَّق امرأته جاء رسولَ اللّه - صلى الله عليه وسلم - وقال: يا رسول اللّه ما أردت إلا واحدةً، فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "آللّه ما أردتَ إلا واحدةً"، فأجاب: آللّه ما أردت إلا واحدةً، يعني: واللّه ما قصدت إلا واحدةً، فردها عليه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: فطلقها الثانية في زمن عمر - رضي الله عنه - وطلقها

<<  <  ج: ص:  >  >>