للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجمهور هاهنا يراد بهم الأئمة الأربعة كلهم، (أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد)، فكلهم اتفقوا على أن العدة تلزم الزوجة في هذه الحالة.

- قوله: (وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: لَا تَلْزَمُهَا عِدَّةٌ إِذَا كَانَتْ قَدْ حَاضَتْ فِي مُدَّةِ أَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ ثَلَاثَ حِيَضٍ (١)، وَقَالَ بِقَوْلِهِ طَائِفَةٌ (٢)، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (٣). وَحُجَّتُهُ أَنَّ العِدَّةَ إِنَّمَا وُضِعَتْ لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَهَذِهِ قَدْ حَصَلَتْ لَهَا البَرَاءَةُ).

وهذا القول الآخر إنما هو لجابر بن زيدٍ، وهو مرويٌّ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - بأن العدة لا تلزم الزوجة.

وإنما يحتجّ هذا الفريق على ما ذَهَبَ إليه بأنَّ الحكمة من مشروعية العدة إنما هي التيقن من براءة الرحم؛ تجنُّبًا لحدوث اختلاط الأنساب، ولكيلا يأتي زوجٌ جديدٌ فيقع على هذه المرأة فيختلط ماؤه بماء مَن سَبَقَهُ - إن كان هناك ماءٌ - فيحصل اختلاط الأنساب، وهذا إنما قد مَنَعَتْ منه


(١) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (٢/ ٦١)، حيث قال: "وكل الفقهاء يقول تعتد بعد الطلاق عدة المطلقة إلا جابر بن زيد فإنه يقول: لا تعتد إذا كانت قد حاضت ثلاث حيض في الأربعة الأشهر".
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٣٩) ينظر: "قال أبو عمر كل الفقهاء - فيما علمت - يقولون إنها تعتد بعد الطلاق عدة المطلقة إلا جابر بن زيد فإنه يقول لا تعتد - يعني - إذا كانت قد حاضت ثلاث حيض في الأربعة الأشهر، وقال بقوله طائفة وكان الشافعي يقول ذلك في "القديم" ثم رجع عنه في "الجديد"".
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٣٩)، حيث قال: "وقد روي عن ابن عباس نحوه رواه أبو عوانة عن قتادة، قال: كنت عند سليمان بن هشام وعنده الزهري فسألوه عن الإيلاء، فقال الزهري: إذا مضت أربعة أشهر فواحدة وهو أحق بها، فقلت له: ما قلت بقول علي، ولا بقول ابن مسعود، ولا بقول ابن عباس، ولا بقول أبي الدرداء، فقال سليمان بن هشام: ما قال هؤلاء؟ قلت: كان علي يقول: إذا مضت أربعة أشهر فهي واحدة لا يخطبها زوجها ولا غيره حتى تنقضي عدتها".

<<  <  ج: ص:  >  >>