للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاف بين العلماء في أنه من حقِّه مراجَعة زوجته في أثناء العدة، ولكن الخلاف فيما كان يُشتَرَط في هذه الرجعة أن يَطَأَها الزوج أثناء هذه العدة حتى يرتفع الإيلاء بالوطء أم لا يُشتَرَط ذلك.

وهذه المسألة إنما هي محلُّ خلافٍ بين الجمهور والمالكية، وهو خلافٌ يسيرٌ، ولكن فيه شيء من الدِّقة، بحيث إنهم يَلتَقُون في أمرٍ ويَختَلِفُون في أمرٍ آخَرَ.

- قوله: (فَإِنَّ الجُمْهُورَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا (١)، وَأَمَّا مَالِكٌ فَإِنَّهُ قَالَ: "إِذَا لَمْ يَطَأْ فِيهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرِ مَرَضٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا رَجْعَةَ عِنْدَهُ لَهُ عَلَيْهَا، وَتَبْقَى عَلَى عِدَّتِهَا، وَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا إِذَا انْقَضَتِ العِدَّةُ" (٢)).

وهاهنا يتفق المالكية والجمهور على استئناف مدة الإيلاء حتى نهايتها، ثم يُخَيَّرُ الزوج بعدها، فإمَّا أن يفيءَ، وإما أن يؤمَرَ بالطلاق، فإن طَلَّقَ وإلا طَلَّقَ عليه الحاكم، وفي هذه المرحلة يختلف الفريقان:

فالمالكية: يَرَوْنَ أن زوجته تَبِينُ منه بهذا.

أما الجمهور: فإنها لا تَبِينُ منه عندهم، وإنما له أن يراجعها مرةً أخرى، بحيثُ إن وَطِئَهَا ارتفع الإيلاء، وإن لم يطأها عاد الإيلاء مرةً أخرى ثم إذا انتهت مدَّته بانت منه.


(١) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (٢/ ٦١)، حيث قال: "ولم يختلف السلف والخلف أن الفيء في قوله تعالى: {فَإِنْ فَاءُوا} هو الجماع إن قدر عليه فصار بإجماعهم على ذلك من المحكم. فإن لم يفئ وطلق أو طلق عليه السلطان، فالطلقة عند الجميع رجعية إلا مالكًا فإنه قال: لا تصح الرجعة حتى يطأ في العدة. ولا أعلم وافقه عليه أحد".
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير (٢/ ٤٣٨)، حيث قال: " (وتتم)، أي: تصح (رجعته) بعد أن طلق عليه (إن انحلَّ) إيلاؤه بوطء بعدة أو تكفير أو انقضاء أجل أو تعجيل حنث، (وإلا) ينحل إيلاؤه بوجه مما تقدم (لغت) رجعته، أي: بطلت وحلت للأزواج من العدة".

<<  <  ج: ص:  >  >>