للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذَكَرْنَا ما يُشبِهُ هذه المسألة عند الحديث فيمن يُطلِّقُ زوجته طلاقًا رجعيًّا ثم يتزوَّجها بعد انتهاء عدتها، فإنها حينئذٍ تعود إليه والطلاق السابق موجودٌ، بل حتى لو كانت قد تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ ثم طُلِّقَتْ منه وعاد الأول فتَزَوَّجَها فإنها تعود إليه بطلاقها السابق، ومسائل الظهار فيها شيءٌ من الشَّبَهِ بمسائل الطلاق.

- قوله: (قَالَ مَالِكٌ: "إِنْ طَلَّقَهَا دُونَ الثَّلَاثِ، ثُمَّ رَاجَعَهَا فِي العِدَّةِ، أَوْ بَعْدَهَا، فَعَلَيْهِ الكَفَّارَةُ" (١)).

وهذا هو قول مالكٍ وأبي حنيفة (٢)، وأحمد (٣)، لكن أبا حنيفة وأحمد قد أَطْلَقَا الحُكْمَ ولم يُقَيِّدَاه بالطلاق الرجعي كما ذَكَرَ المؤلِّفُ.

والمعروف عن مالكٍ كذلك إنما هو الإطلاق، وربما أن ما ذَكَرَهُ المؤلِّفُ هو روايةٌ أخرى في مذهب مالكٍ.

لكن المعروف عن الأئمة الثلاثة هو أن المُظاهِرَ لو طَلَّقَ امرأته ثم عادت إليه فإنها حينئذٍ ترجع إليه وتبقى الكفارة لازمةً في حقِّ الزوج قبل المسيس، دون التفرقة في ذلك بين إن كان قد طلقها طلاقًا رجعيًّا أو طلاقًا بائنًا.


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير ومعه حاشية الدسوقي" (٢/ ٤٤٧)، حيث قال: " (قوله: محلهما في البائن أو الرجعي إلخ) اعلم أن كلام عبد الحق وأبي الحسن وابن رشد وغيرهم كالصريح في التأويلين إنما محلهما إذا أتمها قبل مراجعتها، ولفظ "المدونة" ولو طلقها قبل أن يمسَّها، وقد عمل في الكفارة لم يلزمه إتمامها، وقال ابن نافع إن أتمَّها أجزأه إن أراد العودة اهـ".
(٢) يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٣/ ٤٦٩)، حيث قال: " (قوله: وإن عادت إليه إلخ) قال في "النهر": أفاد بالغاية، أي: بقوله حتى يكفر أنه لو طلقها ثلاثًا، ثم عادت إليه تعود بالظهار؛ وكذا لو كانت أمة فاشتراها وانفسخ العقد، أو كانت حرة فلحقت مرتدة بدار الحرب وسبيت ثم اشتراها لا تحل له ما لم يكفر".
(٣) تقدم ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>