والسبب في إجماع أهل العلم على أنواع الكفارة إنما هو وضوح النَّصِّ القرآنِيِّ وصراحته، وهو قول الله سبحانهُ وتعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤)}.
وكلُّ ما جاء ذِكْرُهُ نَصًّا في كتاب الله سبحانهُ وتعالى صار لا محلَّ للاجتهاد فيه ولا الخلاف، وإنما صار محلَّ إجماعٍ.
وأنواع الكفارة قد وَرَدَتْ بها السُّنَّةُ المطهَّرة كذلك، كما في قصة خولة مع زوجها، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لها:"يعتق رقبة"، فأخبرته أنه لا يجد، فقال:"يصوم شهرين متتابعين"، فأخبرته بأنه شيخٌ كبيرٌ لا يَقوَى على الصوم، فقال:"يُطعِمُ سِتِّينَ مسكينًا"، فأخبرته بضيق ذات يده، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "سنعينه"، ثم قالت خولة بعد ذلك:"وأنا سأعينه بعرق من تمرٍ"(١)، وهو حديث صحيحٌ.
وكذلك وَرَدَ في سنَّة الرسول - صلى الله عليه وسلم - حديث سلمة بن صخر البياضي عندما أمره الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يعتق رقبةً، فلمَّا أخبره سلمة أنه لا يجد، أَمَرَهُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يصومَ شهرين متتابعين، فلما أخبره سلمة أنه لم يقع في ذلك الأمر إلا بسبب الصيام حينئذٍ أَمَرَهُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يُطعِمَ ستين