للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجمهور أهل العلم القائلون باشتراط الإيمان في الرقبة قد انقسموا في تعليل مذهبهم إلى فريقين:

- الفريق الأول: إنما علَّلوا هذا القول بالقياس على كفارة القتل، التي يُشترَط فيها في الرقبة أن تكون مؤمنةً، وبأنه ما دامت هذه كفارةً وتلك كفارةً فلا وجه إذن لعدم إلحاق إحداهما بالأخرى لوجود قاسمٍ مشترَكٍ يجمع بينهما.

- والفريق الثاني: إنما عللوه بما هو معلومٌ مِن أن الأصل في المُطلَقِ أن يُحمَلَ على المقيَّدِ، وإذا كانت كفارة الظهار مطلَقةً وكفارة القتل مقيَّدةً، فالعمل بالقاعدة يقتضي حَمْلَ كفارة الظهار على كفارة القتل، خلافًا لابن حزمٍ الأندلسي الذي يرى إبقاء المطلَق على إطلاقه ما دام لا يتعارض مع المقيَّد.

- قوله: (وَمِنْهَا: اخْتِلَافُهُمْ هَلْ مِنْ شَرْطِ الرَّقَبَةِ أَنْ تَكُونَ سَالِمَةً مِنَ العُيُوبِ أَمْ لَا؟).

أما اشتراط سلامة الرقبة المعتَقة من العيوب، فيُشترَط من حيثُ الجملة، أما من حيث التفصيل فهو محلُّ خلافٍ بين أهل العلم.

فالذين اشترطوا السلامة من العيوب إنما اختلفوا في أنواع العيوب المعتبرة وغير المعتبرة، بحيثُ قد أجمَعوا على عيوبٍ بعينها أنها تؤثر في سلامة الرقبة وأنها إن وُجِدَت في الرقبة صار عِتقُها لا يجزئ حينئذٍ، بل يجب حينها البحث عن رقبةٍ أخرى؛ واختلفوا في عيوب أخرى.

والسبب في هذا هو أن المقصود من الإعتاق هو تمكين العبد من التصرُّفِ بنفسه، بحيثُ يملك منافعه ويتصرف فيها، مما يُحتاج معه إلى أن يكون سليمًا.

- قوله: (ثُمَّ إِنْ كَانَتْ سَلِيمَةً، فَمِنْ أَيِّ العُيُوبٍ تُشْتَرَطُ سَلَامَتُهَا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>