للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِنَّمَا صَارَ الْجُمْهُورُ إِلَى إِسْقَاطِ الْإِحْدَادِ عَنْهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: "لَا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِن بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تَحِدَّ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ" (١) فَعُلِمَ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ (٢)).

* دليل الخطاب ما يعبر عنه المؤلف وخاصة في أول الكتاب، وهو المعروف بمفهوم المخالفة، فهناك مفهومان: مفهوم الموافقة: وهو الذي يأتي موافق لظاهر النص (٣)، ومفهوم المخالفة وهو الذي يأتي على خلاف النص (٤).

* قال: (أَنَّ مَنْ عَدَا ذَاتِ الزَّوْجِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إِحْدَادٌ، وَمَنْ أَوْجَبَهُ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا دُونَ الْمُطَلَّقَةِ تَعَلَّقَ بِالظَّاهِرِ الْمَنْطُوقِ بِهِ، وَمَنْ أَلْحَقَ الْمُطَلَّقَاتِ بِهِنَّ فَمِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنَّه يَظْهَرُ مِنْ مَعْنَى الْإِحْدَادِ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ ألَّا تَتَشَوَّفَ إِلَيْهَا الرِّجَالُ فِي الْعِدَّةِ وَلَا تَتَشَوَّفَ هِيَ إِلَيْهِمْ، وَذَلِكَ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِمَكَانِ حِفْظِ الْأَنْسَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمٌ).

سد الذريعة حفاظًا على الأنساب، فكلما حفظت المرأة نفسها،


(١) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وإنما أخرجه البخاري (١٢٨٠)، ومسلم (١٤٨٦) وفيه: "لا يحل لامرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث، إِلَّا على زوج، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرًا".
(٢) يُنظر: "رسالة في أصول الفقه" للعكبري (ص: ٨٦: ٨٧) حيث يقول: "دليل الخطاب ويسمى مفهوم المخالفة فهو تخصيص الشيء بالذكر فيدل على نفي حكم ما عداه ولا فرق بين أن تعلق باسم أو صفة".
(٣) يُنظر: "البرهان في أصول الفقه" للجويني (١/ ١٦٦) حيث يقول: "مفهوم الموافقة: فهو ما يدل على أن الحكم في المسكوت عنه موافق للحكم في المنطوق به من جهة الأولى وهذا كتنصيص الرب - تعالى - في سياق الأمر ببر الوالدين على النهي عن التأفيف فإنه مشعر بالزجر عن سائر جهات التعنيف".
(٤) يُنظر: "المحصول" لابن العربي (ص: ١٠٥) حيث يقول: "مفهوم المخالفة هو تعليق الحكم على أحد وصفي الشيء، فيدل على الأخذ بخلافه كقوله: "في سائمة الغنم الزكاة"، فيقتضي ذلك أن المعلوفة بخلافه".

<<  <  ج: ص:  >  >>