يَهْدُفُ المؤلف بقوله هذا أمرًا مهمًّا؛ فإنَّ المؤلفَ لا يقصد في هذا الكتاب أن يدرسَ الجزئيات، وإنما يريد أن يدرس - كما ذكر في مَوَاضعَ مُتَفرقةٍ من الكتاب - المسائلَ التي نَطَق بها النصُّ التي جَاءَتْ منطوقًا بها في آيةٍ أو حديثٍ، أو فيما هو قريبٌ من النصِّ؛ أي: أن المسائل الاجتهادية لا يذكرها المؤلف إلا استطرادًا بأن تأتي ضمن هذه المسائل.
وقوله:"بِأُصُولِ هَذهِ العِبَادَةِ".
يقصد بها الطهارة، فهو لا يذكر إلا القليل من المسائل.
وأنا أقول: لو أن أحدًا مَارَس دراسة الفروع الفقهية، وضَمَّ إلى ذلك القواعد الفقهية؛ لاستطاع - بحَول الله وقوَّته - أن تَقْرُب أمامه تلك المسائل، وأن تَنْدرج - إن لم تكن جميعها فأكثرها - تحت تلك الأصول أو تلك الأحكام الكليَّة الَّتي هي القواعد الفقهية، وقد جرَّبنا ذلك وعرفناه تمامًا.
ولذلك، اهتمَّ العُلَماءُ بالقواعد الفقهية" لأنهم قالوا: تضبط للفقيه أصول المذهب، وتُطْلِعه من مآخِذِ الفِقْهِ على ما كان عنه قد تغيَّب، وتنظم له منثور المسائل في سلكٍ واحدٍ، وتقرب له ما شرد منها (١)، فَهِيَ
(١) يُنظر: "القواعد الفقهية" لابن رجب (ص ٣)؛ حيث قال: "فهَذِهِ قَوَاعدُ مهمةٌ، وَفَوائدُ جمةٌ، تضبط للفقيه أصول المذهب، وتطلعه من مآخذ الفقه على ما كان عنه قد تغيب، وتنظم له منثور المسائل في سلكٍ واحدٍ، وتقيد له الشواردَ، وتقرب عليه كل متباعدٍ".