للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلف العلماء في مسألة اشتراط قبض الطعام قبل بيعه إذا كان جزافًا، أو غير جزافٍ؛ فغير الجزاف: كالمكيل والموزون، والجزاف: فما يُبَاع تخمينًا وظنًّا، وهذا هو المراد من المسألة المختلف فيها، والترخيص فيه روايةٌ عن الإمامِ أحمدَ أيضًا.

* قوله: (وَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ (١)، وَالشَّافِعِيُّ (٢)).

وهي الرواية الأخرى عن الإمام أحمد (٣)؛ فقد منعوا البيع جزافًا قبل قبضه كالحال في غير المباع جزافًا، فاشترطوا فيهما القبض، ودليلهم في ذلك أحاديث، منها:

حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: "أنَّ النَّاسَ كَانُوا يَبْتَاعُونَ" (٤).

وفي رِوَايَةٍ: "أَنَّهُمْ كَانُوا يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اشْتَرَوْا طَعَامًا جِزَافًا، أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِمْ حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ" (٥).

وَفِي رِوَايةٍ أُخْرَى من حديثِهِ أنَّه قَالَ: "كُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ مِنَ الرُّكْبَانِ جِزَافًا، فَنَهَانَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ" (٦)، فهذا دليل على اشتراط القبض فيه، وقد وقع الخلاف بين الجمهور وبين الإمام مالك، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد (٧).


(١) يُنظر: "البناية شرح الهداية" للعيني (٨/ ٢٤٧) قال: "ومن اشترى شيئًا مما ينقل ويحول، لم يجز له بيعه حتى يقبضه".
(٢) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٤/ ٨٤) قال: "ولا يصح بيع المبيع قبل قبضه ولو تقديرًا بالإجماع في الطعام".
(٣) يُنظر: "كشاف القناع" (٣/ ٢٤) قال: "ومن اشترى شيئًا بكيل أو وزنٍ أو عدٍّ أو ذرعٍ، مَلَكه … ولا يصح التصرف فيه … حتى يقبضه المشتري".
(٤) أخرجه البخاري (٢١٦٧) ولفظه: عن ابن عمر، قال: "كانوا يبتاعون الطعام في أعلى السوق، فيبيعونه في مكانه، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه في مكانه حتى ينقلوه".
(٥) أخرجه البخاري (٦٨٥٢)، ومسلم (١٥٢٧/ ٣٧).
(٦) أخرجه مسلم (١٥٢٧).
(٧) تقدم نقل أقوالهم في المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>