للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومستندها أثر: "ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رأوه سيئًا فهو عند الله سيئ" (١)، وهي التي تعرف بقاعدة العرف، وقد مر في أحكام الحيض أن للعادة تأثيرًا في ذلك، وسيأتي أيضًا في أحكام الصناعات وفي الأعمال، وهذا له تعلق أيضًا ببعض أحكام البياعات، فيرجع فيه إلى عادات التجار، لأن هذا العيب مرتبط بناحية مالية، فعندما نقول: (عيب) فالقصد معرفة مدى تأثيره على الجانب المعني، وهو ما يتعلق بالمال، فإذا كان ينقص من السلعة فهو عيب مؤثر في نظر التجار، فكل ما قلل من القيمة عيب.

لو جيء بإنسان مملوك يجيد الصنعة، وآخر لا يجيد، فلا شك أن الأول أفضل، ولذلك فقد يسود البائع أنامل المملوك الذي يبيعه ليخدع المشتري بأنه كاتب، وربما يأتي بأمة فيصبغ شعرها بالسواد أو يحمر وجهها؛ ليدل على أنها صغيرة، إذ قد يتبين أنه قد تقدم بها السن، إلى غير ذلك من الصفات التي تعد من العيوب، ولها أثر كبير، والكلام عنها كثير جدًّا في أحكام البيوع.

* قولُهُ: (وَهَذهِ مِنْهَا مَا هِيَ عُيُوبٌ بِأَنْ تَشْتَرِطَ أَضْدَادَهَا فِي الْمَبِيعِ، وَهِيَ تُسَمَّى عُيُوبًا مِنْ قِبَلِ الشَّرْطِ؛ وَمِنْهَا مَا هِيَ عُيُوبٌ تُوجِبُ الْحُكْمَ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ وُجُودُ أَضْدَادِهَا فِي الْمَبِيعِ، وَهَذهِ هِيَ الَّتِي فَقْدُهَا نَقْصٌ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ؛ وَأَمَّا الْعُيُوبُ الْأُخَرُ فَهِيَ الَّتِي أَضْدَادُهَا كِمَالَاتٌ).

كل هذا الكلام المجمل سيفصله المؤلف إن شاء الله.


(١) أخرجه أحمد (٣٦٠٠)، عن عبد الله بن مسعود موقوفًا، قال: "إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسنًا، فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئًا فهو عند الله سيئ".
قال الألباني: "لا أصل له مرفوعًا، وإنما ورد موقوفًا على ابن مسعود". انظر: "السلسلة الضعيفة" (٥٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>