للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٣]، فهذه الآية نصٌّ في تيمم المريض والمسافر إذا عدما الماء.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي أَرْبَعٍ: المَرِيضِ يَجِدُ المَاءَ وَيَخَافُ مِنَ اسْتِعْمَالِهِ، وَفِي الحَاضِرِ يَعْدَمُ المَاءَ، وَفِي الصَّحِيحِ المُسَافِرِ يَجِدُ المَاءَ فَيَمْنَعُهُ مِنَ الوُصُولِ إِلَيْهِ خَوْفٌ، وَفِي الَّذِي يَخَافُ مِنَ اسْتِعْمَالِهِ مِنْ شِدَّةِ البَرْدِ).

قوله: (وَاخْتَلفوا في أربعٍ)، يعني: في حكم تيممهم وصلاتهم بهذا التيمم.

الأوَّل: المريض الذي يجد الماء، وَلَكنه يصعب عليه استعماله؛ إمَّا لخوفِهِ من ضررٍ يَتَرتب عليه، أو أنه لا يستطيع أن يصل إلى الماء، ولا يوجد مَنْ يوصله إليه.

الثَّانِي: الحاضر يعدم الماء، وسيأتي تفصيل أقوال الفقهاء فيه.

الثالث: الصحيح المسافر يجد الماء، فيمنعه من الوصول إليه خوفٌ، والخوفُ أنواع، فقد يكون من ظالمٍ، أو لكون المكان الذي فيه الماء موحشًا، به سباعٌ ونحوها، أو خوف لصٍّ أو عدوٍّ يتربص به، أو أن تكون امرأة تعلم أن هذا طريق يسلكه الفُسَّاق، فتَخْشى على نفسها، فَهَذا هو مُرَاد الفقهاء بالخوف، ولَيْس من الخوف عندهم الجبن الذي قد يصيب بعض الناس فيسبب الخوف.

الرَّابع: مَنْ يجد الماء لكن يَخَاف من استعمالِهِ لشدَّة البرد، هَكَذا أطلق المؤلف، لكن ينظر في قدرتِهِ على فِعْل الأسباب التي تزيل بُرُودته كالتسخين مثلًا، أو إذا وجد وسيلةً لتَدْفئة أَعضائه بعد غَسْلها، وَهذه الشريعة إنما بُنِيَتْ على دفع الضرر، لقول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " لَا ضَرر، ولَا ضرَار " (١)، فلا يعدُّ هذا معذورًا إذا استطاع.


(١) أخرجه ابن ماجه في " السنن " (٢٣٤٠)، وصححه الأَلْبَانيُّ في " إرواء الغليل " (٨٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>