للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويديه فرد عليه، هذه رواية "الصَّحيحين" (١)، وفي روايةٍ -وهي صحيحة- قال: وذراعيه (٢).

قال الشَّافعيُّ رحمه الله (٣): إنَّما عدَلنا عن الأَخْذ بحديث عمارٍ الصَّحيح (٤)؛ لوُجُود أحاديث أُخرى في المسح إلى المرفقين، ولأنَّ المسح إلى المرفقين هو الأشبه بالقرآن.

وَأَجَاب أصحابُ القَوْل الثَّانِي: بأنه لا يسلم القول بأن الوضوء والتيمُّم من جنسِ واحدٍ؛ لأن كلًّا منهما طهارةٌ، ولو سلمنا -وهذا غير مسلم- فلم يكَونا نوعًا واحدًا؛ لأن هذا وضوءٌ بالماء، وهذا تيممٌ بالتُّراب، ومن ثَمَّ فلا يصحُّ هنا حَمْل المطلق على المقيد.

وَاستدلُّوا على أنَّ الواجب في التيمم هو الكفُّ فقط أن هذا مقتضى لغة العرب، فالعرب إنما تُطْلق اليد على الكف، ومن ذلك قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]، والقطع إنما هو يكون من مفصل الكوع باتِّفَاقٍ.

وقوله في المحاربين: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ} [المائدة: ٣٣]، وَالقَطْع إنَّما هو من المفصل أيضًا.

وقَوْل النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "إذَا استيقظَ أحدُكم من نَوْمِهِ، فلا يغمس يده في


(١) أخرجه البخاري (٣٣٧)، ومسلم (٧٥١).
(٢) أخرجه الدارقطني في "السنن" (١/ ٢٢٧)، وقال الأَلْبَانيُّ: والثابت في حديث أبي جهيم بلفظ: "يديه" لا "ذراعيه"؛ فإنها رواية شاذة، مع ما في أبي الحويرث وأبي صالح من الضعف. انظر: "صحيح أبي داود" (٢/ ١٤٦).
(٣) نقله البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ١١٥٨)، قال: " ( … قال الشافعي: وإنما منعنا أن نأخذ برواية عمار بن ياسر في أن ييمم الوجه والكفين بثبوت الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه مَسَح وَجْهه وذراعيه، وأن هذا أشبه بالقرآن، وأشبه بالقياس، فإن البدل من الشيء إنما يكون مثله".
(٤) أخرجه البخاري (١١٠)، ومسلم (٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>