للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (فَذَهَبَ الجُمْهُورُ إِلَى تَرْجِيحِ هَذِهِ الأَحَادِيثِ عَلَى حَدِيثِ عَمَّارٍ الثَّابِتِ مِنْ جِهَةِ عَضُدِ القِيَاسِ لَهَا: أَعْنِي مِنْ جِهَةِ قِيَاسِ التَّيَمُّمِ عَلَى الوُضُوءِ، وَهُوَ بِعَيْنِهِ حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ عَدَلُوا بِلَفْظِ اسْمِ اليَدِ عَنِ الكَفِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَظْهَرُ إِلَى الكَفِّ وَالسَّاعِدِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَنْطَلِقُ عَلَيْهَا بِالسَّوَاءِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي أَحَدِهِمَا أَظَهَرُ مِنْهُ فِي الثَّانِي، فَقَدْ أَخْطَأَ، فَإِنَّ اليَدَ وَإِنْ كَانَتْ اسْمًا مُشْتَرَكًا، فَهِيَ فِي الكَفِّ حَقِيقَةٌ، وَفيمَا فَوْقَ الكَفِّ مَجَازٌ، وَلَيْسَ كُلُّ اسْمٍ مُشْتَرَكٍ هُوَ مُجْمَل، وإنَّمَا المُشْتَرَكُ المُجْمَلُ الَّذِي وُضِعَ مِنْ أَوَّلِ أَمْرِهِ مُشْتَرَكًا. وَفِي هَذَا قَالَ الفُقَهَاءُ: إِنَّهُ لا يَصحُّ الاسْتِدْلالُ بِهِ؛ وَيذَلِكَ مَا نَقُولُ: إِنَّ الصَّوَابَ هُوَ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ الفَرْضَ إِنَّمَا هُوَ الكَفَّانِ فَقَطْ، وَذَلِكَ أَنَّ اسْمَ اليَدِ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ فِي الكَفِّ أَظْهَرَ مِنْهُ فِي سَائِرِ الأَجْزَاءِ، أَوْ يَكُونَ دَلالَتُهُ عَلَى سَائِرِ أَجْزَاءِ الذِّرَاعِ وَالعَضُدِ بِالسَّوَاءِ، فَإِنْ كَانَ أَظْهَرَ، فَيَجِبُ المَصِيرُ إِلَى الأخْذِ بِالأَثَرِ الثَّابِتِ، فَأَمَّا أَنْ يُغَلَّبَ القِيَاسُ هَاهُنَا عَلَى الأثَرِ، فَلَا مَعْنَى لَهُ، وَلَا أَنْ تُرَجَّحَ بِهِ أَيْضًا أَحَادِيثُ لَمْ تَثْبُتْ بَعْدُ، فَالقَوْلُ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ بَيِّن مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَتَأَمَّلْهُ).

رجح الجمهور تلك الأحاديث المشار إليها آنفًا على حديث عمار لعضد القياس لها، وذلك أن الوضوء مقيَّد، والتيمم مطلق، فنحمل المطلق على المقيد … هذا أولًا.

وثانيًا: لأن الوضوء أصل، والتيمم بدل، فيأخذ البدل حكم الأصل.

وقالوا أيضًا: يقول الله تعالى: لَه {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ}، وَالمطلوبُ هو مَسْح جميع الوجه إلا ما يكون من الشعر الذي يصعب تخليلُهُ، وكذلك ينبغي أن يكون الأمر في اليدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>