للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَمِنْ نَحْوِ هَذَا اخْتِلَافُهُمْ فِي هَلْ يَنْفَسِخُ الكِرَاءُ بِمَوْتِ أَحَدِ المُتَعَاقِدَيْنِ، أَعْنِي: المُكْرِي أو المُكْتَرِيَ؟).

هذه مسألة مهمة؛ إذا استأجر إنسان عينًا ومات قبل أن يستوفيها فهل تبقى الإجارة؟ لأن الإجارة هي ملك المنافع، فأنت استأجرت دارًا فقد ملكتَ منافعها المدةَ التي استأجرتها فيها، فإذا ما مات هذا المستأجر أو مات المؤجر، والمستأجر بعد لم يستنفذ المدة، فلا شك أنه قد تم عقد بين الطرفين؛ المالك أخذ الأجرة، والمستأجر يستفيد من الانتفاع بهذه العين، هل تنقطع الاستفادة من العين بموت المؤجر أو تبقى؟ هذا هو محل الخلاف.

قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ (١)، وَالشَّافِعِيُّ (٢)، وَأَحْمَدُ (٣)، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ: لَا يَنْفَسِخُ وَيُورَثُ عَقْدُ الكِرَاءِ (٤)).

فالجمهور -الأئمة الثلاثة (مالك والشافعي وأحمد) - قالوا: لا تنقطع بل تنتقل إلى الورثة، والورثة يحلون محل المؤجِّر فهم ورثته، والملك قد انتقل، فحلَّ الورثةُ الذين انتقل إليهم ذلك الملك محل المالك الأصلي الذي ورَّثهم ذلك المال، أو ورَّث المال بموته.

ووجهتهم: أنه عقد معاوضة، وعقد المعاوضة لا ينقطع ولا ينقسم بالموت، بل ينتقل كالحال في البيع تمامًا.


(١) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٤/ ٢٩ - ٣٠)، حيث قال: "لا تنفسخ الإجارة على الأصح بموت الشخص المستأجر للعين المعينة، ويقوم وارثه مقامه".
(٢) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٦/ ١٨٧)، حيث قال: " (ولا تنفسخ) الإجارة بنوعيها (بموت العاقدين) أو أحدهما للزومها كالبيع".
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٢٦٥)، حيث قال: " (ولا) تنفسخ بموت (مكر، أو) أي: ولا تنفسخ بموت (مكتر) للزومها كالبيع".
(٤) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (١١/ ١٦٦ - ١٦٧)، حيث قال: "الكراء على حاله، ولا ينقضه موتهما، ولا موت أحدهما … هذا قول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور".

<<  <  ج: ص:  >  >>