للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَفي بَعْضِهَا: "جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ لِي تُرْبَتُهَا طَهُورًا" (١).

عقد المؤلف هذا الباب لبيان المراد بالصعيد الذي يجوز التيمم به، فهُنَاك الأرض الحرث التي تصلح للزراعة، وهناك الأرض السبخة (٢)، وهناك الرمل، وهناك الطين، وتراب الطوب، وهناك الحجارة والرخام، والنورة (نوعٌ من الطِّلاء)، والجص، والزرنيخ.

فَاتَّفق أهل العلم على جواز التيمُّم بتُرَاب الحرث الطيب (٣)؛ لقول الله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣]، وفسر ابن عباس -رضي الله عنه- الصعيد بتُرَاب الحرث (٤)، والمراد بقوله: {طَيِّبًا}، أي: طاهرًا (٥)، ومنهم مَنْ قال: {طَيِّبًا}، أَيْ: حلالًا (٦)، والأولُ أقربُ.


(١) أخرجه مسلم (١١٠١).
(٢) "السبخة": الأرض المالحة التي يَعْلوها الملوحة، ولا تكاد تنبت. انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ٢٠٤)، و"تاج العروس" للزَّبيدي (٤/ ٢٧٦).
(٣) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٢/ ١٥٥)، قال: "وأجمع أهل العلم أن التيمم بالتراب ذي الغبار جائز إلا مَنْ شذ عنهم، وكان ابن عباس يقول: أطيب الصعيد أرض الحرث".
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢/ ١٩١)، وغيره، قال: قال ابن عباس: أطيب الصعيد: الحرث، أو أرض الحرث.
(٥) "الطَّيب" في القرآن والسُّنَة يأتي لعدة معانٍ، منها: الطاهر، والحلال، لكنها في هذا الصدد بمعنى الطاهر.
قال القاضي عياض: "فوله: "جُعلَت لي الأرض طيبةً طهورًا"، أَيْ: طاهرة مطهرة، و {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}، وتيمم صعيدًا طيبًا كما أمره الله، قال ابن مسلمة: معناه طاهرًا، ولم يرد غيره". انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٣٢٣). وانظر: "المفردات" للأصفهاني (٣٠٨، ٣٠٩).
(٦) يُنظر: "جامع البيان" لابن جرير الطبري (٧/ ٨٢)، قال: "ابن المبارك قال: سمعت سفيان يقول في قوله: {صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣]، قال: قال بَعْضهم: حلالًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>