للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِسْمُ الثَّانِي: فِي أَحْكَامِهِ. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ. فَأَمَّا وُجُوبُ الْحُكمِ بِالشُّفْعَةِ: فَالْمُسْلِمُونَ مُتَّفِقُونَ عَلَيْهِ) (١).

حكى ابن المنذر إجماع العلماء على قيام الشفعة في الأرضين والدور، وفي كل مبيع من دار أو حائط أو أرض (٢).

" قول: (لِمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ، إِلَّا مَا يُتَأَمَّلُ عَلَى مَنْ لَا يَرَى بَيْعَ الشِّقْصِ الْمُشَاعِ).

خالف الأصم في ذلك، ولا يعتد بهذا الخلاف؛ لأن وجهته معارضة بأدلة وعلة أقوى مما استند عليه.

بيان وجهة نظر الأصم: يرى أنَّ الشفعة إنما تنتزع من الشريك بغير إرادته (٣).

ومعلومِ أن ذلك مخالف لهدي القرآن في شأن البيع: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ}، وفي السُّنَّة: "إنَّما البيعُ عن تَرَاض" (٤)، فلا يكره الإنسان على بيع حقه. وإن الضرر الذي يلحق الشريك الذي له حق الشفعة أضر مما يلحق الشريك الذي ينتزع حقه ويباع بسعره؛ لأن من له حق الشفعة ومنع منه قد يدخل عليه شريك آخر يضر به ولا يرعى حقه.

وقد ثبتت صحة الشفعة بالأدلة.


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٦٧) حيث قال: "أجمع العلماء على أنَّ الشفعة في الدور، والأرضين، والحوانيت، والرباع كلها بين الشركاء في المشاع من ذلك كله، وأنها سنة مجتمع عليها يجب التسليم لها".
(٢) يُنظر: "الإشراف" (٦/ ١٥٢)، و"الأوسط" لابن المنذر (١٠/ ٤٧٣) حيث قال: "وأجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم، فيما بيع: من أرض، أو دار، أو حائط".
(٣) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٥/ ٢٢٩) حيث قال: "ولا نعلم أحدًا خالف هذا إلا الأصم، فإنه قال: لا تثبت الشفعة؛ لأن في ذلك إضرارًا بأرباب الأملاك، فإن المشتري إذا علم أنه يؤخذ منه إذا ابتاعه، لم يبتعه، ويتقاعد الشريك عن الشراء، فيستضر المالك".
(٤) أخرجه ابن ماجه (٢١٨٥)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>