للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولون: إنَّ علة الضرر الذي لأجله تثبت الشفعة للشريك، موجودة أيضًا في الجار، فوجب أن يلحق به.

وقد رأينا أنه بثبوت الشفعة ربما يحصل ضرر للشريك الذي ينتزع من ملكه؛ ولكنه لا يقابل الضرر الآخر الذي يحصل للشريك الذي باع شريكه، فالجار أيضًا لا يكون ضرره كالضرر الذي يحصل للشريك المشارك لنفس الملك.

* قولُهُ: (وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ يَقُولُوا: وُجُودُ الضَّرَرِ فِي الشَّرِكَةِ أَعْظَمُ مِنْهُ فِي الْحِوَارِ).

عقب أهل المدينة على الحديث الآخر وقالوا: إنه من رواية الحسن عن سمرة بن جندب، والحسن لم يسمع منه إلا حديث العقيقة (١).

* قولُهُ: (وَبِالْجُمْلَةِ: فَعُمْدَةُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْأُصُولَ تَقْتَضِي أَنْ لَا يَخْرُجَ مِلْكُ أَحَدٍ مِنْ يَدِهِ إِلَّا بِرِضَاهُ).

اعتبار الرِّضا هو الأصل؛ والأصول ثابتة كما قال الله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} فإنه لا يحق لإنسان أن يكره آخر على البيع مثلًا، فلا يكره إلا في حالة ضرورة، كأن يكن الإنسان في فلاة، واحتاج الماء أو الشراب، فإذا رآه مع غيره فإنه يكرهه على أخذه شريطة أن يكون زائدًا عن حاجته، فإن أَبَى فإنه يؤخذ منه قهرًا، لحفظ النفس من الهلاك، ولا شك أن الإسلام عني بحفظ النفس، وقدم حفظها على ما يتعلق بعظم الكعبة عند الله سبحانه وتعالى، لكنه بعد ذلك يعطيه حق ذلك الطعام أو الشراب.

وفي البيع أمور مستثناة أيضًا، وذلك مثل (التعسف (٢) في استعمال


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٢/ ١١، ١٢) حيث قال: "وقال أبو عيسى الترمذي: قلت للبخاري: قولهم: إن الحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة. قال: قد سمع منه أحاديث كثيرة، وجعل روايته عن سمرة سماعًا وصححها".
(٢) "العسف": السير بغير هداية والأخذ على غير الطريق، وكذلك التعسف والاعتساف. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٩/ ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>