للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما في الاصطلاح الفقهي أو الشرعي، فالحجر: هو منع الإنسان من التصرف في ماله (١).

وهذه قضية لا بد من الوقوفِ عندها، فكيف يُمنَع الإنسان من المَصرف في ماله؟ لا شكَّ أن المال ملك للإنسان والنفوس قد جُبِلت على حبِّ المال وعلى المَعلُّق به وعلى بذل الوقتِ والجهد في سبيل الوصول إلى جمع المال، يقوله الله سبحانه وتعالى: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (٢٠)} [الفجر: ٢٥]، وقال سبحانه: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: ٤٦] فالنفوس تميل إلى المال وترغب فيه وتسعى بأن تجمع منه الكثير، وهذا أمر لا شكَّ فيه، ولذلك نجد أيضًا بأنه حرَّم التعدي على أموال الناس، فإن الله سبحانه وتعالى يقوله: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨]، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" (٢)، وفي خطبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع التي ودع بها المؤمنين ولم يمض عليه وقت طويل حتى لحق بالرفيق الأعلى، افتتح -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "إِنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرامٌ عليكم كحرمة


(١) انظر: "المغرب في ترتيب المعرب"، لبرهان الدين الخوارزمي (ص ١٠٣)، وفيه: "الحجرت المنع، ومنه حجر عليه القاضي في ماله، إذا منعه من أن يفسده فهو محجور عليه".
مذهب الحنفية أن الحجر شرعًا هو: (منع من نفاذ تصرف قولي) لا فعلي؛ لأن الفعل بعد وقوعه لا يمكن رده فلا يتصور الحجر عنه. انظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) " (٦/ ١٤٣).
في مذهب المالكية، انظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٣/ ٢٩٢)، وفيه: "الحجر صفة حكمية توجب منع موصوفها من نفوذ تصرفه فيما زاد على قوته أو تبرعه بزائد على ثلث ماله".
مذهب الشافعية: انظر: "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (٤/ ٣٥٣)، وفيه: "وشرعًا: المنع من التصرفات المالية".
مذهب الحنابلة: انظر: "شرح منتهى الإرادات" (٢/ ١٥٥)، وفيه: "وشرعًا (منع مالك من تصرفه في ماله) ".
(٢) أخرجه مسلم (٢٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>