للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأَبَى أن يُنْصِفَ غُرَمَاءَهُ، هَلْ يَبِيعُ عَلَيْهِ الحَاكِمُ فَيُقَسِّمُهُ عَلَيْهِمْ، أَمْ يَحْبِسُهُ حَتَّى يُعْطِيَهُمْ بِيَدِهِ مَا عَلَيْهِ؟ فَالجُمْهُورُ يَقُولُون: يَبِيعُ الحَاكِمُ مَالَهُ عَلَيْهِ، فَيُنْصِفُ مِنْهُ غُرَمَاءَهُ أو غَرِيمَهُ إنْ كَانَ مَلِيًّا، أَوْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالإِفْلَاسِ إِنْ لَمْ يَفِ مَالُهُ بِدُيُونِهِ وَبَحْجُرُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفَ فِيهِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ (١)، وَالشَّافِعِيُّ (٢).

وكذلك أحمد (٣)، قالوا أيضًا: وبعد الحكم عليه بالإفلاس، يُعْلن أمره حتى لا ينخدع به بعض الناس ويغرَّ به، فإنه ربما إذا لم يعلن أمره، ربما يتورط معه بعض الناس، فلا يدرون أنه أفلس، فيبيع معهم ويشتري، فينبغي أن تُعْلَن حاله.

قَوْله: (وَبِالقَوْلِ الآخَرِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٤)، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ العِرَاق، وَحُجَّةُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ).

أي: حُجَّة الجمهور.

قَوْله: (حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ (٥): " أَنَّه كَثُرَ دَيْنُهُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمْ يَزِدْ غُرَمَاءَهُ عَلَى أَنْ جَعَلَهُ لَهُمْ مِنْ مَالِهِ ").


(١) يُنظر: "جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص ٣٨١) حيث قال: "وإذا التمس الغرماء أو بعضهم الحجر على من ينقص ماله عن دينه الحال حجر عليه ".
(٢) يُنظر: "منهاج الطالبين" للنووي (ص ١٢٠) حيث قال: "مَنْ عليه ديون حالة زائدة على ماله يحجر عليه بسؤال الغرماء".
(٣) يُنظر: " الفروع " لابن مفلح (٦/ ٤٥٢) حيث قال: "من لزمه أكثر مما له يحرم طلب وحجر وملازمة بدين حالِّ عجز عن وفاء بعضه ".
(٤) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ٧٤) حيث قال: " قال أبو حنيفة: لا أحجر في الدَّين: وإذا وجبت الديون على رجل وطلب غرماؤه حبسه والحجر عليه، لم أحجر عليه، وإن كان له لم يتصرف فيه الحاكم، ولكن يحبسه أبدًا حتى يبيعه في دينه ".
(٥) أخرجه أبو داود في " المراسيل " (ص ١٦٢)، والحاكم (٣/ ٣٠٦) عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه قال: كان معاذ بن جبل - رضي الله عنه - شابًّا حليمًا سمحًا من أفضل =

<<  <  ج: ص:  >  >>