للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يرجعون، فقال: يا رب، أبلغ من ورائي، فأنزل الله - سحانه وتعالى -: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)}.

إذًا، هذه مكانة الشهداء.

جاء في حَدِيثٍ أخرَجه الترمذي بسندٍ حسنٍ أن الله -سبحانه وتعالى- كلَّم والد جابر كفاحًا؛ أي: بلا واسطة، وأن الله -سبحانه وتعالى- قال له: "يا عبدي، سلني أعطك "، فكان منه أن يسأل الله تعالى أن يردَّه إلى الدنيا ليقتل ثانيةً في سبيل الله.

وقد جاء في حديث جابر القدر الذي على أبيه، وأن الدائنين كانوا من اليهود، وكالن ثلاثين وسقًا، والوسق ستون صاعًا، إذن يبلغ ألفًا وثماني مئة صاع؛ فعَرَض الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك الحائط على الغرماء فأبوا؛ لأنهم تَقالُّوه، ورأوا أنه لا يفي بحقوقهم، وأنَّه لا يكون موازيًا لها، فما كان من الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا أنْ وَعَده فَمرَّ بحائطه .. وفي بعض الروايات: " أنَّ الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - طاف به " (١)، وفي بعضها: مشى به، فمر على النخيل ودعا بالبركة، ثم إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمره فقال له: " كل "، وخرج فوفَّى لأصحاب الحقوق حقوقهم، وزاد ما عنده من التمر سبعة عشر وسقًا، والوسق ستون صاعًا، فَخَرج جَابرٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليُخْبره بذلك، فقال له: " مُرَّ على عمر بن الخطاب "، فَمرَّ به، فأخبره عما كان، فقال عُمَر - رضي الله عنه -: " لقد أيقنت بأنَّ ذلك سيحصل عندما مشَى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنَّ الله ليبارك النبي (٢).

قَوْله: (وَربمَا رُوِيَ أَيْضًا: أنه مَاتَ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ، وَعَلَيْهِ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَدَعَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ غُرَمَاءَهُ، فَقَبَّلَهُمْ أَرْضَهُ أَرْبَعَ سِنِينَ مِمَّا لَهُمْ عَلَيْهِ) (٣).

هذه قصة الحضير، إنما مات وعليه دَين (عشرة آلاف درهم)، وفي


(١) أخرجه النسائي في "الكبرى" (٦٤٣٠).
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٩٦).
(٣) لم أقف على هذه الرواية.

<<  <  ج: ص:  >  >>